أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد يناير السنة 2020
وبأ كورونا المستجد
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

سمح الله بانتشار فيروس كورونا المستجد - كوفيد ١٩ - في العالم، في هذه الأيام، ونتيجة لذلك شعر الناس بالخوف والهلع، وتم إلغاء الكثير من الأعمال والأنشطة، وتعطلت مصالح الكثيرين، وقَلَّت الموارد المالية، وانعدمت عند البعض الآخر، وبالأسف مات أكثر من ربع مليون شخص (حتى تاريخ كتابة المقالة). 

يبحث العلماء من منظور علمي عن أسباب الوبأ، وطرق انتشاره، واللقاح اللازم للوقاية منه، وكيفية العلاج، وهذا حسن؛ لكن الكتاب المقدس يُعلن أن الأوبئة هي إعلان عن غضب الله على الإنسان بسبب شروره الكثيرة.  

من خلال هذا الوبأ يتكلم الله إلى البشر بصوتٍ عالٍ في كل الأرض، ولا بد أن يحقّق الله قصده، ويتمم رأيه.  لقد تكبَّر الإنسان، واستقل عن الله، ثم رفضه (مز ١٤: ١)، واعتمد على الذكاء، والمال، والعلم، والتكنولوجيا الحديثة، وأباح الشرور الكثيرة مثل زواج المثليين، والطلاق، والزنا، والإجهاض، والشذوذ، والدعارة، ...، فعندما «أَغَاظُوهُ بِأَعْمَالِهِمْ اقْتَحَمَهُمُ الْوَبَأُ» (مز ١٠٦: ٢٩).

تدخَّل الله ليعلن سلطانه، وَ”يَكْتُمَ الْكِبْرِيَاءَ عَنِ الرَّجُلِ”، ويعلن أيضًا ضعف الإنسان وعجزه أمام فيروس لا يُرى بالعين المجردة، حتى يُراجع الإنسان نفسه ويتضع أمام الله القدير، ويتوب عن شروره.

يتكلم الله إلى الإنسان بعدة طرق، فيتكلم من خلال الخليقة (مز ١٩: ١)، ومن خلال ضمير الإنسان، ومن خلال كلمته الحية، لكنه يتكلم بقوة من خلال المرض والوبأ، قال أَلِيهُو: «لكِنَّ اللهَ يَتَكَلَّمُ مَرَّةً، وَبِاثْنَتَيْنِ لاَ يُلاَحِظُ الإِنْسَانُ... أَيْضًا يُؤَدَّبُ بِالْوَجَعِ عَلَى مَضْجَعِهِ» (أي ٣٣: ١٤-١٩).

عندما يُرسل الله وبأً على العالم، أو على شعب، يكون هناك غرض من ذلك، وسنرى بنعمة الرب قصة الوبأ في الكتاب المقدس:

١. وبأ على مواشي المصريين 

عندما رفض فرعون خروج بني إسرائيل من أرض مصر، أرسل الله عشر ضربات على المصريين بيد موسى رجل الله، وكانت الضربة الخامسة هي وبأ ثقيل جدًا على المَوَاشِي الَّتِي فِي الْحَقْلِ، فَمَاتَتْ جَمِيعُ مَوَاشِي الْمِصْرِيِّينَ، لأن فرعون أغلط قلبه، ولم يُطلق الشعب، لكن الرب مَيَّز بين مواشي إسرائيل ومواشي المصريين، فمَوَاشِي بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يَمُتْ مِنْهَا وَاحِدٌ، كقول المرنم: «اعْلَمُوا أَنَّ الرَّبَّ قَدْ مَيَّزَ تَقِيَّهُ» (مز ٤: ٣).

جاء وبأ المواشي بسبب قساوة قلب فرعون، وأيضًا ليعلن الرب قوته (خر ٩: ١٦).

٢. وبأ بسبب تمرد شعب إسرائيل

عندما تمرد قورح وجماعته على الرب، فَتَحَتِ الأَرْضُ فَاهَا وَابْتَلَعَتْهُمْ وَبُيُوتَهُمْ، فَبَادُوا مِنْ بَيْنِ الْجَمَاعَةِ. وَخَرَجَتْ نَارٌ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ وَأَكَلَتِ الْمِئَتَيْنِ وَالْخَمْسِينَ رَجُلاً الَّذِينَ قَرَّبُوا الْبَخُورَ. وعندما تذمر كل جماعة بني إسرائيل على موسى وهارون، غضب الرب، وأرسل الوبأ، فَكَانَ الَّذِينَ مَاتُوا بِالْوَبَإِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفًا وَسَبْعَ مِئَةٍ، عَدَا الَّذِينَ مَاتُوا بِسَبَبِ قُورَحَ (عد ١٦).

جاء القضاء في هذه الحادثة بسبب التمرد، وعدم الخضوع لسلطة الرب وترتيبه.

٣. وبأ عندما تعلَّق إسرائيل ببعل فغور

حذّر الرب شعبه إسرائيل من الشر ومن عمل التماثيل، والسجود لها، وفي حالة عدم سماع صوته فإنه يُرسل في وسطهم الوبأ (لا ٢٦: ١، ٢٥؛ تث ٢٨: ٢١). وعندما زنى شعب إسرائيل مع بنات موآب، ثم سجدوا لآلهتهن، حمى غضب الرب عليهم، وأرسل وبأ على شعبه.

وبينما موسى وكل جماعة بني إسرائيل باكون لدى باب خيمة الاجتماع، إذا رجل من بني إسرائيل جاء وقدم إلى إخوته المديانية، «فَلَمَّا رَأَى ذلِكَ فِينْحَاسُ بْنُ أَلِعَازَارَ، قَامَ مِنْ وَسَطِ الْجَمَاعَةِ وَأَخَذَ رُمْحًا بِيَدِهِ، وَدَخَلَ وَرَاءَ الرَّجُلِ الإِسْرَائِيلِيِّ إِلَى الْقُبَّةِ وَطَعَنَ كِلَيْهِمَا، الرَّجُلَ الإِسْرَائِيلِيَّ وَالْمَرْأَةَ فِي بَطْنِهَا. فَامْتَنَعَ الْوَبَأُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَكَانَ الَّذِينَ مَاتُوا بِالْوَبَإِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفًا» (عد ٢٥).

كان هذا الوبأ بسبب الزنى والعبادة الوثنية.

٤. وبأ أيام داود

ارتفع قلب داود، وأغواه الشيطان، فأحصى الشعب، ثم شعر بخطيته، إذ ضَرَبَه قَلْبُهُ. فَقَالَ دَاوُدُ لِلرَّبِّ: «لَقَدْ أَخْطَأْتُ جِدًّا فِي مَا فَعَلْتُ، وَالآنَ يَا رَبُّ أَزِلْ إِثْمَ عَبْدِكَ لأَنِّي انْحَمَقْتُ جِدًّا». فأرسل الرب له جاد النبي، وعرض عليه ثلاثة أمور، وعليه أن يختار واحدًا منها، فاختار الوبأ، فَمَاتَ مِنَ الشَّعْبِ سَبْعُونَ أَلْفَ رَجُل.  وبعد أن أصعد داود محرقات وذبائح سلامة للرب، اسْتَجَابَ الرَّبُّ مِنْ أَجْلِ الأَرْضِ، فَكَفَّتِ الضَّرْبَةُ عَنْ إِسْرَائِيلَ (٢صم ٢٤).

كان هذا الوبأ لأن الرب غضب على شعبه بسبب شرورهم، وأيضًا ارتفاع قلب داود.

٥. أوبئة بعد الاختطاف

من خلال وبأ كورونا أراد الله أن يُري البشر لمحة بسيطة جدًا لما سيحدث بعد اختطاف الكنيسة من الأرض.  قال الرب يسوع: «وَتَكُونُ... أَوْبِئَةٌ» (مت ٢٤: ٧)، ليس وبأ واحدًا بل أوبئة، بشكل سريع ومتلاحق، وفي فترة مبتدأ الأوجاع تكون حروب ومَجَاعَاتٌ وَأَوْبِئَةٌ وَزَلاَزِلُ، فِي مدة ثلاث سنوات ونصف، يموت فيها ربع سكان الأرض (رؤ ٦: ٨).

العلاج

قاله الرب لسليمان: «إِنْ أَرْسَلْتُ وَبَأً عَلَى شَعْبِي، فَإِذَا تَوَاضَعَ شَعْبِي الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ وَصَلَّوْا وَطَلَبُوا وَجْهِي، وَرَجَعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ الرَّدِيةِ فَإِنَّنِي أَسْمَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَغْفِرُ خَطِيَّتَهُمْ وَأُبْرِئُ أَرْضَهُمْ» (٢أخ ٧: ١٣، ١٤).

الله يطلب منا جميعًا الاتضاع والتوبة عن الشرور والصلاة القلبية الصادقة، وهو قادر على رفع الوبأ، وأن ينجي الأتقياء لأن «قُدَّامَهُ ذَهَبَ الْوَبَأُ» (حب ٣: ٥؛ مز ٩١: ٣).  فله كل المجد.


أمين هلال