أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
الشكينة (سحابة المجد) ناشد حنا تفاصيل خيمة الاجتماع نجدها في سفر الخروج، وكان لا بد لها أن تكون في هذا السفر لأنه سفر الفداء. وعلى أساس الفداء يمكن الاقتراب إلى الله للعبادة. وبعد أن صار الشعب مفديًا بالدم، ومُحررًا من عبودية فرعون، ومنفصلاً لله في البرية، أمكن لله أن يقول لموسى: «فَيَصْنَعُونَ لِي مَقْدِسًا لأَسْكُنَ فِي وَسَطِهِمْ» (خر ٢٥: ٨). وخيمة الاجتماع ليست مؤسسة تاريخية مُخصصة لعبادة الله، ولكن لها أهمية خاصة تتضح مما يأتي: (١) الخيمة بكل تفصيلاتها كانت رمزًا لشخص الرب يسوع المسيح؛ الله الظاهر في الجسد. (٢) لم تكن الخيمة مجرد أشياء لها دلالاتها الحرفية فقط، بل يُخبرنا العهد الجديد صراحة بأنها كانت لها دلالات روحية «شِبْهَ السَّمَاوِيَّاتِ وَظِلَّهَا»، «أَمْثِلَةَ الأَشْيَاءِ الَّتِي فِي السَّمَاوَاتِ» (عب ٨: ٥؛ ٩: ٢٣). (٣) هناك علاقة وثيقة بين الحجاب وجسد المسيح؛ فعندما «صَرَخَ يَسُوعُ أَيْضًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، وَأَسْلَمَ الرُّوحَ ... إِذَا حِجَابُ الْهَيْكَلِ قَدِ انْشَقَّ إِلَى اثْنَيْنِ، مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ» (مت ٢٧: ٥٠، ٥١). (٤) يُعلن فيها الله ذاته لشعبه، ويكشف لهم عن صفاته وأمجاده، وذلك في رموز وظلال بديعة يتضح جمالها عندما يسطع عليها نور العهد الجديد. (٥) أفرد الوحي الإلهي ستة عشر أصحاحًا في سفر الخروج لتفصيلاتها، ونجد طقوسها وممارساتها في سفر اللاويين كله، وجزء من سفر العدد. وفي رسالة العبرانيين تفسيرات روحية لمشتملاتها. بينما نجد أن الوحي قد اكتفى بأقل من أصحاحين في بداءة سفر التكوين لتخبيرنا عن عمل الخليقة العظيم. فهل بعد هذا من دلالة على الأهمية التي لخيمة الاجتماع في نظر الله؟ وليس أغلى على قلب المؤمن من التأمل في أمجاد السيد، وكمال شخصه وعمله مثلما نراها في تفصيلات ذلك المسكن العجيب “خيمة الاجتماع”، الذي كان يحل فيه مجد الرب “الشكينة”. وهذا الكتاب يكشف لنا جوانب رائعة من الأمور المختصة به، وقد استخدم الرب في كتابته مُعلم ضليع؛ خادم الرب طيب الذكر/ ناشد حنا. وهو في 312 صفحة وسعره 30 جنيهًا الكتاب متوفر في مكتبة الإخوة نشجعك على اقتنائه وقراءته.
 
 
عدد مايو السنة 2021
خطية عدم الإيمان
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

«أَجَابَ الْجُنْدِيُّ رَجُلَ اللهِ وَقَالَ: هُوَذَا الرَّبُّ يَصْنَعُ كُوًى فِي السَّمَاءِ! هَلْ يَكُونُ مِثْلَ هذَا الأَمْرِ؟ قَالَ: إِنَّكَ تَرَى بِعَيْنَيْكَ وَلكِنَّكَ لاَ تَأْكُلُ مِنْهُ» (٢مل ٧: ١٩)

تحدثنا فيما سبق عن رداءة خطية عدم الإيمان، والشك في وعود الله ومواعيده، كما ظهرت في الجندي الذي كان الملك يستند على يده، والذي عبَّر عن عدم إيمانه بأقوال أليشع رجل الله، قائلاً: «هُوَذَا الرَّبُّ يَصْنَعُ كُوًى فِي السَّمَاءِ! هَلْ يَكُونُ مِثْلَ هذَا الأَمْرِ؟ قَالَ (أَلِيشَعُ): إِنَّكَ تَرَى بِعَيْنَيْكَ وَلكِنَّكَ لاَ تَأْكُلُ مِنْهُ» (٢مل ٧: ١٩). وسنتأمل في عددنا هذا في عقاب عدم الإيمان.

«إِنَّكَ تَرَى بِعَيْنَيْكَ وَلكِنَّكَ لاَ تَأْكُلُ مِنْهُ» ... يا له من عقاب! وحتى مع قديسي الله فالأمر كذلك أيضًا، في حالات ضعف إيمانهم، أنهم يرون رحمة الله، ولكن لا يتذوقون منها شيئًا. إنه حتى في اجتماعاتنا التي يأتي لها الكثير من قديسي الله، إنهم يقولون في قلبهم ”لا أعرف هل سيكون الرب معي أم لا؟“؛ والبعض الأخر يقول: ”حسنًا، إن الإنجيل يُكرَز به، ولكن لا أعرف إن كان سيلاقي قبولاً أم لا؟“ فهم دومَا في شكٍ وخوفٍ. فقط اصغي لهم وهم خارجون من الكنيسة: ”حسنًا، هل تناولت وجبة جيدة اليوم أم لا؟“ قد يسأل أحدهم، فيجاوبه الآخر: ”لم أحصل على شيء البتة“. بالطبع لن تحصلوا على شيء إذ أنكم استطعتم أن تروا الطعام مُقدَّم، ولكن لم تأكلوا منه شيئًا، لأنه لم يكن لكم إيمان. لأنه إن كنتم قد أتيتم وفي قلوبكم إيمان، لكنتم أكلتكم أدسم وجبة روحية.

إني أعرف الكثير من المسيحيين المؤمنين الذي وصلت حالتهم الروحية إلى مراحل حرجة للغاية فهم لا يأكلون (روحيًا) ما تقدمه لهم من طعام في وقت الحصاد، إلا إذا كان مقطعًا ومطهوًا ومُقدَّمًا بشكل يطيب لخاطرهم، وإلا فلن يقتربوا منه البتة! أو يفضلون أن يمضوا بدون طعام، وسوف يمضون بدونه إلى أن تأتيهم شهيتهم مرة أخرى. ربما يمرون ببعض الضيق الذي له تأثير الدوار عليهم، أي يعالج ضعف إيمانهم أو ضعف شهيتهم لغذاء الروح، سوف يجبرون أن يأكلوا والمر في أفواههم، ربما يزج بهم في السجون يومًا أو اثنين، حتى تعود لهم شهيتيهم. وعندئذ سوف يكونون سعداء أن يأكلوا حتى الأكل التقليدي عندما يقدم لهم على طبق تقليدي أو حتى بدون طبق. إذًا السبب الحقيقي لعدم تغذية أرواح المؤمنين، في وجود تعليم كتابي سليم، هو عدم إيمانهم. لأنه كان سيكفي أن يستمع إلى أحد وعود الله، أو إلى كلمة تعزية بسيطة من فوق المنبر، لتكون غذاء لروحه. لأنه ليست كمية المعلومات الداخلة إلى أذهاننا هي مقدار تغذيتنا، ولكن ما نصدقه منها بقلب غير مرتاب – وهذا بالتحديد ربحنا الحقيقي.

والآن دعوني أطبق هذا أيضًا على غير المؤمنين. فهم يرون بأعينهم عظيم عمل الله، ولكنهم لا يأكلون منه. العديد من الناس يذهبون إلى الاجتماعات ليشاهدوا بأعينهم، ولكنني أشك أن كل الحضور سوف يأكلون مما يُقدَّم. فالناس لا تقدر أن تأكل بأعينها، لأنه لو كان كذلك لصار كل الناس يعانون من السمنة. وبالطبع لا يقدر أن يتغذى أحد روحيًا عن طريق السمع فقط، ولا بأن يشاهد الواعظ يتحدث، وواقع الحال أن الجموع تأتي لسماع الواعظ ولسان حالهم: ”دعونا نستمع لما سيقوله المتحدث، هذه القصبة التي تحركها الرياح“. وهم بلا إيمان يأتون ويرون ويرون ويرون، ولكن لا يأكلون أبدًا. ففي الأمام يجلس أحدهم، وقد تغير بالفعل بواسطة الكلام. وأخر بالخلف اجتذبته نعمة الله وبدأ يبكي تحت وطأة خطاياه، وآخر يطلب رحمة الله ورابع يقول: ”اللهم ارحمني أنا الخاطئ“. فعمل روح الله الرائع لا يكف في أي مكان. ولكن البعض لا يعي أي شيء عنه، إذا لا يوجد أي تغيير بداخلهم، ولماذا؟ لأنهم يعتقدون أن هذا مستحيل، وأن الله لا يعمل على خلاص أحد. فهو لم يعد أن يعمل فيمن لا يكرمه. وعدم إيمانكم هذا يجعلهم تجلسون في أيام النهضات الروحية، حيث تتدفق نعمة الله على كل من يقبلها، غير متأثرين، غير مدعوين، وغير مُخلَّصين.

ولكن أسوأ ما في القضاء الإلهي لم يتحقق بعد؛ “احذروا من الغضب الآتي!“، إنه ليس غضب الآن فقط ما ينبغي أن تخافوه، ولكن الغضب الآتي، هو ما يجب أن تخافوه، الذي فيه يستعلن الدينونة والهلاك الآتيين حين «تَرَى بِعَيْنَيْكَ وَلكِنَّكَ لاَ تَأْكُلُ مِنْهُ (شيئًا)». أتخيل أني أرى اليوم الأخير، ودقات الساعة الأخيرة، إني أسمع رنات الجرس معلنه موعد الموت الآن. الزمان كان وأصبح ماضيًا، والأبدية قد بدأت. البحر يغلي والأمواج مضاءة بشعاع عظيم. أرى قوس قزح وأرى سحابة طائرة وعليها عرش وعليه جالس واحد شبيه بابن الإنسان. أنا أعرفه، في يديه ممسك بميزان وأمامه أسفار، سفر الحياة وسفر سجلات الاحداث. أرى عظمته وأغني لها، وأرى ظهوره المهيب، وأبتسم بابتهاج لأنه «يَتَمَجَّدَ فِي (وسط) قِدِّيسِيهِ وَيُتَعَجَّبَ مِنْهُ (وسط) جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ» (٢تس١: ١٠). ولكنني أرى أيضًا حشدًا تعيسًا يزحفون مرتعبين محاولين أن يخفوا أنفسهم، ومع ذلك فعيونهم تراقب ذاك الذي ثقبوا يديه ورجليه، ولكنهم يصرخون «وَهُمْ يَقُولُونَ لِلْجِبَالِ وَالصُّخُورِ: اسْقُطِي عَلَيْنَا وَأَخْفِينَا عَنْ وَجْهِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَعَنْ غَضَبِ الْخَرُوفِ» (رؤ ٦: ١٦). من وجه من يا ترى؟ من وجه يسوع المسيح الذي مات، ولكنه عاد لكي يدين، ولن تقدروا أن تختبئوا من وجهه. سوف ترون بأعينكم، ولكنكم لن تجلسوا عن يمينه لابسين ثوب العظمة. وعندما يأتي موكب يسوع المنتصر على السحاب، لن تسيروا فيه، سوف ترونه ولكنكم لن تكونوا فيه. أرى المخلص العظيم في مركبة راكبًا السحاب إلى المدينة السماوية. أرى جياد مركبته القوية وهي تزلزل السماء، وهو يقودهم لأعلى وهو محاط بربوات قديسيه من خلفه، وتحت عجلات مركبته رأيت الشيطان والموت والجحيم مربوطين مهزومين أمام سلطانه. والكل يصفق ويهلل له «صَعِدْتَ إِلَى الْعَلاَءِ. سَبَيْتَ سَبْيًا» (مز ٦٨: ٨)، ويرتلون قائلين: «هَلِّلُويَا! فَإِنَّهُ قَدْ مَلَكَ الرَّبُّ الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ» (رؤ ١٩: ٦). ألا ترون طلعتهم البهية والتيجان على رؤوسهم وثيابهم البيضاء وإبتهاجهم وأغانيهم تملأ السماء، والكامل معهم قائلاً: لأني خطبتكم لنفسي للأبد.

والخلاصة أظن أني أراكم في مكان ما في الجحيم مربوطين في صخرة وطيور الندم تنهش في قلوبكم، وأنتم ترون لعازر جالس في حضن أبيه إبراهيم وتقولون: ”هذا الرجل الفقير الذي كان يجلس عند مزبلتي، وكانت الكلاب تلعق قروحه، ها هو الآن في السماء، بينما أنا مطروح هكذا في الجحيم”. وسوف تنادي على إبراهيم وتقول: ”يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ، ارْحَمْنِي، وَأَرْسِلْ لِعَازَرَ لِيَبُلَّ طَرَفَ إِصْبَعِهِ بِمَاءٍ وَيُبَرِّدَ لِسَانِي، لأَنِّي مُعَذَّبٌ فِي هذَا اللَّهِيبِ“ (لو ١٦: ٢٤). ولكن بالطبع لن يحدث هذا ابدًا وإن وُجِدَ شيئًا في الجحيم أسوأ من الألم، سيكون هو أنك تشاهد القديسين في السماء بينما أنت معذب في الجحيم. تخيل أنك ترى أمك التقية بينما أنت معذب بالخارج. فكر فقط في أن أخيك الذي شاركك المهد ولعب معك تحت نفس السقف، قد تراه في السماء وأنت لا تقدر أن تشاركه في ذلك. وأنت أيها الزوج سوف ترى زوجتك في السماء وأنت مطروحٌ خارجًا. وأنت كذلك أيها الأب سترى ابنك يسعد مع المسيح، بينما تمكث أنت ملعونًا من الله والناس.

إن الجحيم الحقيقي هو أن نرى من نحبهم في السماء ونحن في الجحيم، عاجزون عن أن نكون معهم. إني أتوسل إليكم - بموت المسيح وبأحزانه ودماه وبصليبه وبمحبته - وبكل ما هو مقدس في السماء والأرض، وبكل ما هو بهيجٌ في السماء، ومحزن في الجحيم أن تتذكروا كل هذه الأشياء، وأن تتذكروا أنكم لو هلكتم فإن ما أدى للعنتكم هو عدم الإيمان وهو الذي أودى بكم للهلاك. وإن فنيتم فهذا لأنكم لم تؤمنوا بالمسيح وهذا هو أمَر ما في الأمر – أنكم لم تؤمنوا بالمخلص.


سبرجن