أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد مايو السنة 2018
الْمَنّ السَّمَاوِي ... رمز لكلمة الله
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

(خروج ١٦)


تأملنا فيما سبق في المن في كونه رمزًا لشخص الرب يسوع المسيح وكمالاته، ونواصل تأملاتنا في هذا الموضوع، فنقول:

(٨) يجب أن يجمع كل فرد المَن لنفسه «هذَا هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي أَمَرَ بِهِ الرَّبُّ. اِلْتَقِطُوا مِنْهُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حَسَبِ أُكْلِهِ» (ع١٦). وهكذا الحال روحيًا؛ فقبول المسيح هو أمر شخصي (يو١: ١٢)، فليس من يؤمن من أجل آخر. ولا خلاص بالوكالة. إن «إِنْجِيلِ الْمَسِيحِ» هو «قُوَّةُ اللهِ لِلْخَلاَصِ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ» (رو١: ١٦). الإيمان المُخلِّص هو العمل الذي به يُخصص كل خاطئ تائب، المسيح لنفسه. صحيح أن المسيح أحبَّ الكنيسة ككل، وأَسْلَمَ نَفْسهُ لِأَجْلِهَا (أف٥: ٢٥)، لكنه أيضًا امتياز بهيج لكل عضو من هذه الكنيسة أن يقول، مع الرسول بولس: «ابْنِ اللهِ ... أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي» (غل٢: ٢٠). هل آمنت - عزيزي القارئ - بالرب يسوع المسيح؟

(٩) سدد المَن احتياجًا يوميًا «فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: هَا أَنَا أُمْطِرُ لَكُمْ خُبْزًا مِنَ السَّمَاءِ. فَيَخْرُجُ الشَّعْبُ وَيَلْتَقِطُونَ حَاجَةَ الْيَوْمِ بِيَوْمِهَا» (ع٤). إن المن الذي جمعوه اليوم لا يكفيهم للغد. إنهم بحاجة إلى إمداد جديد كل يوم. هنا يفشل الكثيرون من شعب الرب. نحن أيضًا بحاجة لأن نُطعم على المسيح “يومًا فيومًا”. تمامًا كما في الحياة الطبيعية فإن طعام الأمس لن يُغذيني اليوم، هكذا فإن خبراتي وما حصلت عليه سابقًا لن يفي بضرورات الحاضر. ينبغي أن يكون المسيح دائمًا نصب القلب. “أعطنا خبزنا اليومي” هي الصلاة التى يجب أن يُصليها كل ابن لله.

(١٠) الشهية تحدد الكمية التي تُجمع «هذا هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي أَمَرَ بِهِ الرَّبُّ. اِلْتَقِطُوا مِنْهُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حَسَبِ أُكْلِهِ. عُمِرًا لِلرَّأْسِ عَلَى عَدَدِ نُفُوسِكُمْ تَأْخُذُونَ، كُلُّ وَاحِدٍ لِلَّذِينَ فِي خَيْمَتِهِ. فَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ هكَذَا، وَالْتَقَطُوا بَيْنَ مُكَثِّرٍ وَمُقَلِّل» (ع١٦، ١٧). هكذا نرى أن الشهية حددت الكمية التي جُمعت. كيف يتطابق هذا تمامًا مع المؤمن؟ كل منا يأخذ من المسيح كما يشاء، لا أكثر ولا أقل. إن كان اشتياقنا كبيرًا، ولو فغرنا فاهنا واسعًا، يملأه. لا يمكن أن نشتهيه ونتوق إليه كثيرًا، ويخذلنا. ومن الناحية الأخرى، إن كانت درايتنا باحتياجنا ضعيفة، فسننال القليل من المسيح. إذًا فالمقياس الذي نستخدمه في الشبع بالمسيح كطعام البرية، يعتمد تمامًا على شعورنا بالاحتياج الروحي؛ أي على مشاعرنا.

(١١) أولئك الذين لم يكونوا من شعب الله احتقروا المَن «وَاللَّفِيفُ الَّذِي فِي وَسَطِهِمِ اشْتَهَى شَهْوَةً. فَعَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَيْضًا وَبَكَوْا وَقَالُوا: مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْمًا؟ قَدْ تَذَكَّرْنَا السَّمَكَ الَّذِي كُنَّا نَأْكُلُهُ فِي مِصْرَ مَجَّانًا، وَالْقِثَّاءَ وَالْبَطِّيخَ وَالْكُرَّاثَ وَالْبَصَلَ وَالثُّومَ. وَالآنَ قَدْ يَبِسَتْ أَنْفُسُنَا. لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ أَنَّ أَعْيُنَنَا إِلَى هذَا الْمَنِّ!» (عدد١١: ٤-٦). كم تُذَكِّرنا هذه الكلمات بلغة إشعياء ٥٣ «لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيَهُ. مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ» (إش٥٣: ٢، ٣). إن عيون الإنسان الطبيعي التي أعمتها الخطية، لا يًمكنها إدراك جاذبية الرب يسوع. ولا يمكن للإنسان غير المؤمن أن يُميّز كمالات المسيح العجيبة. وأيضًا لا يُمكنه أن يُدرك عمق احتياجه العميق، وكيف أن المسيح وحده هو من يقدر أن يسدد هذا الاحتياج، لذا فهو لا يأتي إلى المسيح، ولا يريده.

(١٢) لقد سقط المَن على النَّدى، وليس على تراب الأرض «وَمَتَى نَزَلَ النَّدَى عَلَى الْمَحَلَّةِ لَيْلاً كَانَ يَنْزِلُ الْمَنُّ مَعَهُ» (عدد١١: ٩). لكل شيء فى الكتاب المقدس مدلول روحي وتطبيق. فما هو مدلول ما سبق؟ إن تكوين٣: ١٩ يلقي الضوء على هذا المقطع؛ «لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ»، لقد قيلت هذه الكلمات للإنسان الساقط لافتة الانتباه إلى الفساد الذي فعّلته الخطية فيه. يتكلَّم “التُراب” هنا - وفيما بعد - عن البشرية الساقطة. وها المن لم يسقط على “التُراب”، بل على النَّدَى. كم يُلقي هذا ضوءًا واضحًا على تفرد وقدسية بشرية ربنا! لقد صار الكلمة جسدًا، لكن الرب يسوع في بشريته لم يشترك في طبيعتنا الفاسدة. وأخذ صورة العبد، لكن الجسد الذي تهيأ له (عب١٠: ٥) لم يكن ينتمي لتُراب هذه الأرض. وقبل أن يُولد أعلن الملاك لأُمِّهِ: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ» (لو١: ٣٥).

(١٣) كان المَن أبيض اللون «وَدَعَا بَيْتُ إِسْرَائِيلَ اسْمَهُ مَنًّا. وَهُوَ كَبِزْرِ الْكُزْبَرَةِ، أَبْيَضُ» (خر١٦: ٣١). يحدثنا هذا عن النقاوة المُطلقة لربنا كما ظهرت علنًا في مسيرته اليومية؛ «لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً» (٢كو٥: ٢١)، «لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً» (١بط٢: ٢٢) «وَلَيْسَ فِيهِ خَطِيَّةٌ» (١يو٣: ٥). كان «قُدُّوسٌ بِلاَ شَرٍّ وَلاَ دَنَسٍ، قَدِ انْفَصَلَ عَنِ الْخُطَاةِ» (عب٧: ٢٦). في ١بطرس١: ١٩ نقرأ أنه «حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ». إن التعبير الأول: «بِلاَ عَيْبٍ»، يُشير إلى غياب أي عيب خارجي، أما الثاني «بِلاَ دَنَسٍ»، فيُشير إلى غياب الأدناس الداخلية. وفى مسيره خلال هذا المشهد الفاسد، لم يتأثر بأي دنس. لقد لمس الأبرص دون أن يتلوث. كان بِلاَ عَيْبٍ، طاهرًا، أَبْيَضَ.

(١٤) كان المَن حلو المذاق «طَعْمُهُ كَرِقَاقٍ بِعَسَلٍ» (ع٣١). نحتاج أن نتأمل نشيد سليمان لنفهم هذا. فهناك نقرأ: «كَالتُّفَّاحِ بَيْنَ شَجَرِ الْوَعْرِ كَذلِكَ حَبِيبِي بَيْنَ الْبَنِينَ. تَحْتَ ظِلِّهِ اشْتَهَيْتُ أَنْ أَجْلِسَ، وَثَمَرَتُهُ حُلْوَةٌ لِحَلْقِي». وأيضُا «خَدَّاهُ كَخَمِيلَةِ الطِّيبِ وَأَتْلاَمِ رَيَاحِينَ ذَكِيَّةٍ. شَفَتَاهُ سُوْسَنٌ تَقْطُرَانِ مُرًّا مَائِعًا ... حَلْقُهُ حَلاَوَةٌ وَكُلُّهُ مُشْتَهَيَاتٌ» (نش٢: ٣؛ ٥: ١٣، ١٦). يا ليت الرب يعطي أن «يَلَذُّ لَهُ نَشِيدِي» (مز١٠٤: ٣٤).

(١٥) كان المَن يُطحن ويُخبز «كَانَ الشَّعْبُ يَطُوفُونَ لِيَلْتَقِطُوهُ، ثُمَّ يَطْحَنُونَهُ بِالرَّحَى أَوْ يَدُقُّونَهُ فِي الْهَاوَنِ وَيَطْبُخُونَهُ فِي الْقُدُورِ وَيَعْمَلُونَهُ مَلاَّتٍ» (عدد١١: ٨). كم يكلمنا هذا عن آلام ربنا المبارك! إن التعبيرات «نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَيْهِمْ بِغَضَبٍ، حَزِينًا عَلَى غِلاَظَةِ قُلُوبِهِمْ» (مر٣: ٥)، «نَظَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ (أُورُشَلِيمَ) وَبَكَى عَلَيْهَا» (لو١٩: ٤١)، «فَلَمَّا رَآهَا يَسُوعُ تَبْكِي (مَرْيَمَ)، وَالْيَهُودُ الَّذِينَ جَاءُوا مَعَهَا يَبْكُونَ، انْزَعَجَ بِالرُّوحِ وَاضْطَرَبَ ... بَكَى يَسُوعُ» (يو١١: ٣٤، ٣٥)، «فَخَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَابْتَدَأُوا يُحَاوِرُونَهُ ... لِكَيْ يُجَرِّبُوهُ. فَتَنَهَّدَ بِرُوحِهِ» (مر٨: ١١، ١٢)، «رَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ، وَأَنَّ» (مر٧: ٣٤). إن الحزن والبكاء والتنهد والأنين؛ كل هذه التعبيرات - وأخرى كثيرة - تحدثنا عن طحن المن الحقيقي. والمعاملة الفظة له من اليهود والجنود الرومان على السواء، فى ساحة القضاء سواء أمام هيرودس، أو أمام بيلاطس، تُرينا دق المن. وعلى الصليب نراه ونيران غضب الله حامية الوطيس، تنصب عليه. بذلك نتعلم أن المن المطحون والمدقوق، يحدثنا عن ذاك الذي كان “مَجْرُوحًا لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقًا لأَجْلِ آثَامِنَا” (إش٥٣: ٥).

(١٦) كان المَن يُحفظ في السبت: «فقال لهم (مُوسَى): هذَا مَا قَالَ الرَّبُّ: غَدًا عُطْلَةٌ، سَبْتٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ. اخْبِزُوا مَا تَخْبِزُونَ وَاطْبُخُوا مَا تَطْبُخُونَ. وَكُلُّ مَا فَضِلَ ضَعُوهُ عِنْدَكُمْ لِيُحْفَظَ إِلَى الْغَدِ. فَوَضَعُوهُ إِلَى الْغَدِ كَمَا أَمَرَ مُوسَى، فَلَمْ يُنْتِنْ وَلاَ صَارَ فِيهِ دُودٌ» (ع٢٣، ٢٤). فى يوم السبت كان المن يُحفظ، وفى ذلك أيضًا يحدثنا عن ربنا المبارك. إنه الوحيد الذي حُفظ في الموت. لقد رقد في القبر يوم السبت وحُفظ، لأن الله قال: «لَنْ تَدَعَ تَقِيَّكَ يَرَى فَسَادًا» (مز١٦: ١٠).

(١٧) كان المَن موضوعًا أمام الرب: «وَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ: خُذْ قِسْطًا وَاحِدًا وَاجْعَلْ فِيهِ مِلْءَ الْعُمِرِ مَنًّا، وَضَعْهُ أَمَامَ الرَّبّ» (ع٣٣). وعن المرموز إليه نقرأ «لأَنَّ الْمَسِيحَ لَمْ يَدْخُلْ إِلَى أَقْدَاسٍ مَصْنُوعَةٍ بِيَدٍ أَشْبَاهِ الْحَقِيقِيَّةِ، بَلْ إِلَى السَّمَاءِ عَيْنِهَا، لِيَظْهَرَ الآنَ أَمَامَ وَجْهِ اللهِ لأَجْلِنَا» (عب٩: ٢٤). إن القسط الذهبي الذي حُفظ فيه المن يُخبرنا كيف تمجد الله في ذاك المرموز إليه بالمن. بالرغم من أن ابن الإنسان هو من قُدِّم لنا، وبالرغم من أن مَن عرفناه هنا كان في جسد البشرية، وبالشكل الذي لن نجده عليه أيضًا عندما نصل إليه في الأعالي، إلا أنه جسد البشرية الذي تمجد الله فيه هنا، وهكذا أيضًا سيتمجد فيه إلى الأبد. هناك سنجد في ذاك الرفيع الذي على عرش المجد، أنه لم يعد بعد «مَنْظَرُهُ كَذَا مُفْسَدًا أَكْثَرَ مِنَ الرَّجُلِ، وَصُورَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ بَنِي آدَمَ». فنفس الشخص الذي مَنْظَرُهُ كان كَذَا مُفْسَدًا؛ نفس الشخص الذي كان «رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحُزْنِ»، إذ جعله قلبه يجتاز في الحزن الذي كنا نحن نستوجبه بالضرورة، هو نفس الشخص الذي سنعرفه مُمجَّدًا هكذا هناك.

(١٨) يُدعى المَن خبز الملائكة: كما نقرأ في مزمور ٧٨: ٢٥ «أَكَلَ الإِنْسَانُ خُبْزَ الْمَلاَئِكَةِ. أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ زَادًا لِلشِّبَعِ»؛ والإشارة هنا إلى إعطاء المن لإسرائيل في البرية. لقد استعرض السفر الأخير من الكتاب المقدس هذا الرمز أمامنا في مقاطع عدة. فالمسيح لا يُشبع فقط نفوس أولئك الذين مِن شعبه الذين على الأرض، لكنه يُشبع قلوب خلائقه السماوية أيضًا. الملائكة غير الساقطين يجدوا عميق لذتهم في التغذي على المسيح. فهم يتعبدون له، ويخدمونه وأيضًا يسبحونه.

(٢٠) كان المَن يُعطى في الليل: كان يُرسل من السماء لشعب الله، وقت ساعات الظلام، وهم نيام، صورة لعجز الإنسان. لأننا نكون فى قمة العجز ونحن نيام. هكذا الحال معنا نحن أيضًا فعندما أُعطيَّ لنا الخبز الحقيقي من السماء، بمجيء المسيح إلينا، كنا في الظلمة وعاجزين “ضعفاء وبلا قوة”. وهكذا سيكون الحال قرب نهاية ليل هذا العالم؛ عندما “الظُّلْمَةُ تُغَطِّي الأَرْضَ وَالظَّلاَمُ الدَّامِسُ الأُمَمَ” (إش٦٠: ٢)، عندئذٍ سيعود خبز الله ليُعطي حياة للعالم.

(٢٠) إن المَن الآن مُخْفَى: فنقرأ في رؤيا ٢: ١٧ «مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنَ الْمَنِّ الْمُخْفَى». هكذا أيضًا المسيح الذي يرمز إليه المن دائمًا هو الآن “مُخْفَى”؛ لا يُرى بالعين المجردة، وسيظل مُستترًا في السماء إلى ذاك اليوم الذي يُستعلن فيه أمام كل العالم. ونحن لن نرى المن السماوي فحسب، بل سنأكل منه أيضًا. فهناك في السماء، سيكون تمييزنا لمحبته وإدراكنا لكمال النعمة التي أُظهرت لنا، الأروع والأعمق على الإطلاق من كل ما تعلمناه وأدركناه هنا. وبالحقيقة حينئذ فقط - عندما نوجد هناك - سيكون لنا ملء التمتع؛ سنعرف، كما عُرفنا، كل التجارب. ورغم كونها تجارب خاصة بالبرية، لكننا ننتظر وطننا السماوي، الذي نتعجل الوصول إليه، لنجد تفسيرها كاملًا، والبركة من ورائها. الطعام باقٍ للحياة الأبدية. الطعام نفسه باقٍ ومستمر. إننا نتمتع من هنا بذاك الذي هو موضوع فرحنا طوال الأبدية. إننا نتغذى على ذاك الذي هو طعامنا في الأبدية.

إننا ندرك أن تناولنا لهذا الرمز البديع والثمين هو غير كافٍ وغير وافٍ. لكن لو قاد أحباءنا المؤمنين إلى دراسة أكثر تدقيق للكلمة المكتوبة، ولبحث أعمق للتعرف أكثر على الكلمة المتجسد، حينئذ ستكلل جهودنا الضعيفة تمامًا.

(تمت)


آرثر بنك