أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد يناير السنة 2015
سؤالان وإجابة واحدة
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

«وَالَّذِينَ فِي السَّفِينَةِ جَاءُوا وَسَجَدُوا لَهُ قَائِلِينَ: بِالْحَقِيقَةِ أَنْتَ ابْنُ اللهِ!»

(مت14: 33)

كثيرًا ما يسأل الإنسان نفسه أسئلة لا يجد لها جوابًا. وقد يكون السائل من أحكم حكماء عصره مثل “أَجُورَ ابْنِ مُتَّقِيَةِ مَسَّا” الذي إذ لم يجد جوابًا شافيًا لتساؤلاته وصف نفسه قائلاً: «إِنِّي أَبْلَدُ مِن كُلِّ إِنْسَانٍ، وَلَيْسَ لِي فَهْمُ إِنْسَانٍ، وَلَمْ أَتَعَلَّمِ الْحِكْمَةَ، وَلَمْ أَعْرِفْ مَعْرِفَةَ الْقُدُّوسِ». لقد أقرَّ بجهله من جهة الحكمة الحقيقية، ومعرفة القدوس، وذلك لأن أسئلته كانت تتعلق بالله في تواجده كمن يملأ الكل في الكل رغم تجسده، وفي قدرته الظاهرة في خليقته، وفي اسمه واسم ابنه في أقانيمه (راجع من فضلك أم30: 1-4).

وعلى القياس ذاته فإننا نعرض سؤالين لم يجد سائليهما عنهما إجابة:

السؤال الأول: «مَنْ هُوَ؟»: هذا السؤال سأله شعب إسرائيل في البرية عندما أعطاهم الله “الْمَنَّ”. وإذ لم يكونوا قد رأوه أو عرفوه من قبل، فإنهم تساءلوا: «مَنْ هُوَ؟» (خر16: 15). وكما نفهم في نور الإنجيل، ومن أقوال الرب يسوع في يوحنا 6 أن “الْمَنَّ” صورة لمجيء المسيح متجسدًا في هذا العالم. ولأنه جاء متنازلاً في صورة الاتضاع، كان في عيون الناس محتقرًا ومخذولاً؛ خاصته لم تقبله، والعالم لم يعرفه، مع أن العالم كُوِّن به (يو1: 10).

السؤال الثاني: «مَنْ هُوَ هَذَا؟»: وهذا السؤال أكثر إيلامًا من سابقه لأنه صدر من تلاميذه المُقرَّبين إليه، لكنهم بالأسف لم يعرفوه ولم يُقدروه حق قدره، فكان في نظرهم مجرد “مُعلِّم” نائم على وسادة في مؤخر السفينة، ولا يهمه أنهم يهلكون، حيث كانوا مُعذِّبين من الريح العاصفة والأمواج الهائجة. فإذ به يقوم وينتهر الريح، ويقول للبحر: «اسْكُتْ! ابْكَمْ!». فتسكن الريح ويصير هدوء عظيم، ثم يتوجه إليهم موبخًا عدم إيمانهم. أما هم فعقدت الدهشة ألسنتهم، فلم يستطيعوا أن يُجيبوه، وخافوا خوفًا عظيمًا، وقالوا بعضهم لبعض: «مَنْ هُوَ هَذَا؟ فَإِنَّ الرِّيحَ أَيْضًا وَالْبَحْرَ يُطِيعَانِهِ!» (مر4: 35-41)، بينما كان عليهم الاعتراف أنه الله الذي يقول فيكون، ويأمر فيصير.

أما في متى 14: 33 فنجد الإجابة عن السؤالين السابقين، فعندما قَبِله التلاميذ في السفينة بعد أن جاءهم ماشيًا على الماء، جاءوا وسجدوا له مُقرّين وقائلين: «بِالْحَقِيقَةِ أَنْتَ ابْنُ اللهِ!».

وإذا انتقلنا لمشهد البستان، عندما جاء الجند ليقبضوا عليه، سألهم: «مَنْ تَطْلُبُونَ؟». أَجَابُوهُ: «يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ». قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ» ... فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ: «إِنِّي أَنَا هُوَ»، رَجَعُوا إِلَى الْوَرَاءِ وَسَقَطُوا عَلَى الأَرْضِ» (يو18: 1-9). وبالرغم من ذلك لم يؤمنوا به لأنهم أسلموا أنفسهم لذهن مرفوض، وقَبِلوا سيادة إله هذا الدهر الذي أعمى أذهانهم.

عزيزي القارئ: ما هو موقفك من المسيح؟ هل تؤمن أنه بالحقيقة ابن الله؟ هل تأتي إليه لتتمتع بخلاصه، فتسجد له. ليتك تفعل ذلك الآن!

وهيب ناشد