أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد يناير السنة 2015
سبعة أوجه للنعمة الإلهية
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

هناك أوجه عديدة لنعمة الله تُفرّح قلب المؤمن، سواء نظرنا إليها بالارتباط بقديسي هذا التدبير أو التدابير السابقة. ففي تعاملات الله مع أخنوخ ونوح وإبراهيم وداود، ومع كل القديسين فى أيامهم، ظهرت نعمة الله. وحتى عندما استلم إسرائيل نير الناموس ظهرت نعمة الله، لأنه كان لا بد أن يفنوا جميعًا أسفل جبل سيناء بعد عبادة العجل الذهبي، لولا أن الله خلصهم بنعمته. كما كان ترتيب الذبائح دليلاً على أن إسرائيل ليس تحت الناموس البحت، لأن النعمة وهبت لهم ذبيحة للخطايا السهو.

النعمة ظهرت فى ابن الله

في كل الأناجيل نرى النعمة ظاهرة في شخص الرب يسوع، وفي يوحنا نقرأ «وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا ... وَمِنْ مِلْئِهِ نَحْنُ جَمِيعًا أَخَذْنَا، وَنِعْمَةً فَوْقَ نِعْمَةٍ. لأَنَّ النَّامُوسَ بِمُوسَى أُعْطِيَ، أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَبِيَسُوعَ الْمَسِيحِ صَارَا» (يو1: 14-17). لقد استُعلن الله تمامًا في الرب يسوع، لا مُطالبًا بالبر الذي لا يمكن للإنسان أن يصنعه، بل مانحًا بركة لكل مَن يؤمن بابنه الحبيب.

عندما تحدث الابن تعجب الناس من «كَلِمَاتِ النِّعْمَةِ الْخَارِجَةِ مِنْ فَمِهِ» (لو4: 22)، لأنها لم تكن مطاليب سيناء الشرعية، بل أخبار الشفاء السارة والعتق والحرية التي في «سَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ». وعند بئر سوخار نتعلم شيئًا من عجائب النعمة الإلهية التي كشفت - لخاطئة مسكينة - اشتياق الآب لساجدين يسجدون له بالروح والحق. لذلك فالنعمة المُستعلنة في الابن هي وحدها التي تستجلب الساجدين الذين هم على شاكلة مَن وجدهم الرب في ذلك اليوم؛ خطاة كشفهم النور الذي أعلن عن الله، بل الذين بالإيمان اعترفوا أن يسوع هو مخلص العالم.

في يوحنا 8 عندما أتى الكتبة والفريسيون - إلى الرب - بالمرأة المسكينة التي أُمسكت في ذات الفعل، لمعت نعمة الله، وأقرَّ ابن الله عقوبة الناموس كاملة، لكنه – تبارك اسمه - طلب واحدًا من بين المشتكين يكون بلا خطية، ليُنفذ حكم الناموس عليها. كان هو الوحيد الذي بلا خطية، لكن «لَمْ يُرْسِلِ اللهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ» (يو3: 17)، فقال للمرأة: ««ولاَ أَنَا أَدِينُكِ. اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضًا» (يو8: 11). لقد أتى ليكتب بإصبع بشريته، على تراب هذا العالم، رسالة نعمة الله العجيبة.

أينما نتتبع الرب يسوع المبارك، نسمع القصة ذاتها من شفتيه، أو نتعلمها من أعمال قوته: الكل بالنعمة. فإن وُجِدت مرة لعنة مِن شفتيه، فقد كانت مُوَّجهة لشجرة لا تحمل ثمرًا، ليست لأي مِن بنى آدم. بل إننا نقرأ في لوقا 13 عن شجرة التين التي لم تكن تحمل ثمرًا، وهناك طلب أن يتركها هذه السنة أيضًا. وعلى الصليب، عندما اُفتضح قلب الإنسان بكل شره، لمعت نعمة الله بكل روعتها، وقال الرب يسوع للص التائب: «إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ»، وصرخ قائلاً: «يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ» (لو23: 34، 43).

إن النعمة الإلهية موجودة فيه بغنى، ذاك الذي كتب عنه روح الله بيد بولس: «فَإِنَّكُمْ تَعْرِفُونَ نِعْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَنَّهُ مِنْ أَجْلِكُمُ افْتَقَرَ وَهُوَ غَنِيٌّ، لِكَيْ تَسْتَغْنُوا أَنْتُمْ بِفَقْرِهِ» (2كو8: 9). إن ابن الله لم يُخلِ نفسه من هيئة الله فقط، بل ترك كل ما يخصه كابن داود، وإذ تخلى عن كل ما ملك، بذل نفسه لأجلنا.

النعمة التي نحن فيها مقيمون

يحدثنا كل من بولس وبطرس عن إقامتنا في النعمة أمام الله. فقال الأول في رومية 5: 2 «الَّذِي بِهِ أَيْضًا قَدْ صَارَ لَنَا الدُّخُولُ بِالإِيمَانِ، إِلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا مُقِيمُونَ». فالله لم يُبرئنا فقط من كل تهمة خزي تقوم ضدنا، بل قد أتى بنا إلى دائرة لذاته ومسراته، وذلك ليس لشيء فعلناه، لكن بسبب محبته الخالصة، وقد قَبِلَ الإيمان هذه البركة العجيبة.

لقد وقف إسرائيل أمام الله على أرضية الناموس، أما المسيحيون فيُقِيمُون في النعمة الإلهية. لقد توقفت بركة إسرائيل على ما يُمكنهم عمله، وأما بركتنا فارتكنت إلى عمل المسيح، والله وهب لنا كل بركة على حساب نعمته التي لا نستحقها، بل نلناها بسفك دم الرب يسوع الثمين.

وكتب الرسول بطرس في رسالته الأولى عن الكثير من البركات التي وهبها لنا الله؛ فنحن مختارين بمقتضى علم الله الآب السابق، وبالإيمان تمتعنا بالخلاص «الَّذِي فَتَّشَ وَبَحَثَ عَنْهُ أَنْبِيَاءُ، الَّذِينَ تَنَبَّأُوا عَنِ النِّعْمَةِ الَّتِي لأَجْلِكُمْ» (1بط1: 10). وهناك بركات أخرى «مَبْنِيِّينَ كَحِجَارَةٍ حَيَّةٍ، بَيْتًا رُوحِيًّا، كَهَنُوتًا مُقَدَّسًا ... جِنْسٌ مُخْتَارٌ، وَكَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ، أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ، شَعْبُ اقْتِنَاءٍ» (1بط2: 5، 9)، ونحن مديونون له بهذه البركات، ذاك «الَّذِي حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ» (1بط2: 24). هذا بالإضافة إلى كل البركات الأخرى والامتيازات التي تحدث عنها الرسول ملخصة في 1بطرس 5: 12 «هَذِهِ هِيَ نِعْمَةُ اللهِ الْحَقِيقِيَّةُ الَّتِي فِيهَا تَقُومُونَ». ولا شيء يقدر أن يحرمنا من القيام في هذه النعمة، فالكل هبة من الله لنا في المسيح.

النعمة الكافية لظروف البرية

لقد دعانا الله للمجد، لكن طريقنا يعبر البرية، حيث لا نجد ما يدعم الحياة الإلهية التي أعطانا إياها. إن كل مصادرنا هي في المسيح في السماويات، وقد أُعطيت لنا لكي تحفظنا لمسرة الله هنا. وكما أكل إسرائيل المن يوميًا من عند الله، هكذا علينا أن نتغذى على خبز الله، ليس فقط لننال القوة اللازمة للرحلة، بل أيضًا ليفرح القلب ونحن نُطعم على المحبة والنعمة التي عرفناها في الرب يسوع، في كل من حياته وموته على الصليب.

وبالنسبة لتجارب البرية فنحن لنا رئيس كهنة «رَحِيم ... أَمِين ... تَأَلَّمَ مُجَرَّبًا ... يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ». ولنا أيضًا عرش النعمة الذي يجلس عليه المسيح، متاحًا لنا حتى نتقدم إليه بثقة «لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ» (عب2: 17، 18؛ 4: 16). وأية تعزية لنا أن نعلم أن الرب يسوع اجتاز الطريق قبلنا، وله قلب يشعر بنا في كل أحزاننا، وله قوة تدعمنا في كل ضعفنا! إن أسماءنا مكتوبة على صدر محبته، وعلى كتفي قوته. وبالإضافة إلى هذا فهو يسير بنا بأمان في البرية، لأنه «يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضًا إِلَى التَّمَامِ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ بِهِ إِلَى اللهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِمْ» (عب7: 25).

وبالعبور في البرية يُمكننا أيضًا الدخول إلى ذات محضر الله كساجدين؛ أقدامنا على رمال البرية، لكن أرواحنا في السماء. وبلا شك أنها نعمة غنية تلك التي تُمكننا من التقدم بثقة إلى الأقداس، بصحبة رئيس الكهنة العظيم الذي لنا، عالمين أن الله يريدنا هناك، وأنه أهّلنا للوجود في حضرته من خلال دم الرب يسوع. وكخادم للأقداس فإن الرب يسوع يعتني بشعب الله، ويُطعمهم خبز التقدمة، ويحفظ لهم نور المنارة الطاهرة.

نعمة للخادم

كلما زاد شعورنا بالضعف كلما ارتمينا على الرب، وعلى مصادره في خدمتنا له. عندما أتى بولس إلى أسمى الإعلانات، وأُخذ إلى السماء الثالثة، قال: «لِئَلاَّ أَرْتَفِعَ بِفَرْطِ الإِعْلاَنَاتِ، أُعْطِيتُ شَوْكَةً فِي الْجَسَدِ، مَلاَكَ الشَّيْطَانِ لِيَلْطِمَنِي، لِئَلاَّ أَرْتَفِعَ». لقد كان يجب أن يعي ضعفه أثناء خدمته للرب. في البداية تصوَّر الرسول أن ضعفه سيكون عائقًا كبيرًا في سبيل الخدمة، لكن إذ تضرع إلى الرب، كانت الإجابة: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضُّعْفِ تُكْمَلُ» (2كو12: 7-9).

لقد عرف بولس شيئًا عن نعمة المسيح في كل من ظهورها في افتقار المسيح (2كو8: 9)، وكعطية الله التي لا يُعبَّر عنها (2كو9: 15)، لكنه عرفها بطريقة جديدة في تفاصيل خدمته لسيده المبارك. وعندما تفكر في عظم الامتياز المُعطى له في هذه الخدمة كتب: «إِنْ كُنْتُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ بِتَدْبِيرِ نِعْمَةِ اللهِ الْمُعْطَاةِ لِي لأَجْلِكُمْ ... لِي أَنَا أَصْغَرَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، أُعْطِيَتْ هَذِهِ النِّعْمَةُ، أَنْ أُبَشِّرَ بَيْنَ الأُمَمِ بِغِنَى الْمَسِيحِ الَّذِي لاَ يُسْتَقْصَى» (أف3: 2، 8).

بلا شك كان الرسول إناءً خاصًا لإرسالية خاصة، لكن يُمكن لكل خادم للرب أن يرتكن على ذات مصدر النعمة التي في الرب يسوع، ليُتمّم كل ما أعطاه الله ليعمل. وإن كان قد تبرهن صدق قول الرب لتلاميذه: «بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا» (يو15: 5)، فقد تبرهن أيضًا صدق القول الذي اختبره بولس في خدمته: «أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي» (فى4: 13).

نعمة لقديسي الله

هناك مواهب خاصة أعطاها المسيح المُمجَّد، مذكورة في أفسس 4: 11، لكن الوحي أيضًا يقول: «وَلَكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أُعْطِيَتِ النِّعْمَةُ حَسَبَ قِيَاسِ هِبَةِ الْمَسِيحِ» (أف4: 7). وهذه النعمة المُعطاة لكل قديسي لله، هي لكي يُتمم ما يجب أن يكون عليه أو يفعله للمسيح في كل تفصيلات الحياة. فنحن بحاجة إلى نعمة إلهية لنحيا للمسيح، ولكي نُمثله بالحق في كل كلماتنا وطرقنا.

في العدد 29 من نفس الأصحاح مكتوب: «لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحاً لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ». إننا بحاجة للنعمة لكي ننقل كل ما هو للمسيح لبعضنا البعض، سواء بالكلام أو بالفعل. والكلمة التي تبني تنبع من قلب أغتنى بالنعمة الممنوحة له في الشركة مع الرب يسوع. ولكل منا سعة روحية من النعمة ممنوحة له في الشركة المقدسة.

نعمة للأيام الأخيرة

تُعدد رسالة تيموثاوس الثانية الصعوبات التي على القديسين مواجهتها في “الأيام الأخيرة” عندما يكون الناس «مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ، مُحِبِّينَ لِلْمَالِ، مُتَعَظِّمِينَ، مُسْتَكْبِرِينَ، مُجَدِّفِينَ، غَيْرَ طَائِعِينَ لِوَالِدِيهِمْ، غَيْرَ شَاكِرِينَ، دَنِسِينَ، بِلاَ حُنُوٍّ، بِلاَ رِضىً، ثَالِبِينَ، عَدِيمِي النَّزَاهَةِ، شَرِسِينَ، غَيْرَ مُحِبِّينَ لِلصَّلاَحِ، خَائِنِينَ، مُقْتَحِمِينَ، مُتَصَلِّفِينَ، مُحِبِّينَ لِلَّذَّاتِ دُونَ مَحَبَّةٍ للهِ، لَهُمْ صُورَةُ التَّقْوَى وَلَكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا» (2تي3: 1-5). وفي وسط هذه “الأزمنة الصَعبة” على “إِنْسَان اللهِ” أن “يَتَقَوَّ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ” (2تى2: 1)؛ هذا هو صمام الأمان الإلهي الذي يحفظه وسط اعتراف زائف، لا يختلف فيه كثيرًا بعض المُعلِّمين – أدبيًا – عن الوثنيين.

في الأصحاح الأول من هذه الرسالة نقرأ أن الله «خَلَّصَنَا وَدَعَانَا دَعْوَةً مُقَدَّسَةً، لاَ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِنَا، بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ» (ع9). هذه النعمة تُوّجه أفكارنا إلى قصد الله الأزلي. ووسط كل زيف الأيام الأخيرة يجب أن نتثبت من معرفة أنه لا يمكن أن يسقط أي شيء مما قصده الله لمجده ولكرامة ابنه الحبيب. فالنعمة التي في المسيح يسوع تربطنا بكل ما هو أبدي ومستقر، ولا يمكن أن يتأثر بخراب الشهادة المسنودة إلى مسؤولية الإنسان. فإن تقوينا في نعمة الله الأبدية في المسيح، فلن يهزنا الفشل البشري، رغم درايتنا به.

نعمة ليوم الإستعلان

إن كان الرسول يوحنا يكشف لنا عن إظهارات النعمة في ابن الله المتجسد، فالرسول بطرس يكتب لنا عن الرجاء الذي أعطانا الله إياه «فَأَلْقُوا رَجَاءَكُمْ بِالتَّمَامِ عَلَى النِّعْمَةِ الَّتِي يُؤْتَى بِهَا إِلَيْكُمْ عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (1بط1: 13). إنها النعمة من البداية، النعمة في سماتها المتعددة الأوجه والكافية لكل الطريق من البداية وحتى النهاية. وعند الوصول إلى النهاية المباركة ما زالت النعمة تعمل، فالله لا يأتي بنا إلى بركة لسبب أي شيء فعلناه، بل بسبب محبته الكثيرة التي أحبنا بها. فنحن مديونون بكل شيء لله ولنعمته، وللعمل الذي أكمله ابن الله على الصليب.

ويضم بولس صوته لصوت بطرس ليحدثنا عن النعمة العجيبة التي تنتظرنا، فيكتب للأفسسيين: «لِيُظْهِرَ فِي الدُّهُورِ الآتِيَةِ غِنَى نِعْمَتِهِ الْفَائِقَ، بِاللُّطْفِ عَلَيْنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (أف2: 7). كم هي جزيلة نعمة الله في غناها الفائق في الإتيان بمن كانوا قبلاً خطاة إلى المجد مع ابنه! لقد أخرجنا الله من كل تدني أخلاقي كأموات بالذنوب والخطايا، وأقامنا في حياته هو، وأعطانا أن نجلس في المسيح في السماويات، في توقع أن نظهر للعالم في الدهور الآتية غنى نعمته الفائق، وهو لم يعطِ هذا المقام لملائكة ولا لأناس صالحين، بل لمن كانوا خطاة ولكنه – تبارك اسمه - قد أغناهم جدًا بلطفه.

عندما قال داود: «هَلْ يُوجَدُ بَعْدُ أَحَدٌ قَدْ بَقِيَ مِنْ بَيْتِ شَاوُلَ، فَأَصْنَعَ مَعَهُ مَعْرُوفًا مِنْ أَجْلِ يُونَاثَانَ؟» (2صم9: 1، 3)، كان يُصوّر لنا لطف الله الذي يُظهره تجاه مَن هم بالطبيعة في عداء معه، وكان العهد الذي قطعه مع يوناثان هو السبب لكلماته وتصرفه. وليس للخطاة المذنبين الحق في لطف الله، لكن الله في محبته المطلقة أخذ أولئك الخطاة المذنبين كشاول الطرسوسي وأنا وأنت، وأعطانا بركة البنوية والميراث بالاتحاد بابنه ليُري العالم مقدار لطفه.


كاتب غير معروف