أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد يناير السنة 2020
خواطر وقت الحظر
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

في وقت خلوة إجبارية، خارج دوامة الحياة المعتادة، يصبح هناك وقت للتفكير والتغيير. وتتوارد الخواطر على الأذهان، أشاركك ببعضها، بتلقائيتها. راجيًا أن نجد ما نحن فيه فرصة للآتي:

“الصبر” بقى شيء صعب تعريفه في زمن السرعة، والأزرار.

فما دام ممكن أعمل الحاجة بلمسة على الشاشة، فما تقليش: استنى..

وفي زمن العالم الافتراضي وبدايله الكتير، متعلمنيش عن الصبر

لكن لما نوصل لحالة محدش فيها عارف:

إزاي؟ وامتى؟ ومنين؟

يبقى درس “الصبر” النهارده “سؤال إجباري”!

ولنلتفت إلى النصيحة الهامة:

«إنكم تحتاجون إلى الصبر لتعملوا إرادة الله،

فتنالوا البركة التي وُعدتم بها» (عب١٠: ٣٦- التفسيرية)

الصبر.. إرادة الله.. البركة

ولما ندرك كده أكيد هنقدر

«نَفْتَخِرُ أَيْضًا فِي الضِّيقَاتِ،

عَالِمِينَ أَنَّ الضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْرًا،

وَالصَّبْرُ تَزْكِيَةً (انتصار في المحن)،

وَالتَّزْكِيَةُ رَجَاءً،

وَالرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي...» (رو٥: ٣-٥)

وحتى لا نخور ولكي نكمل

لنستمع إلى التحريض:

«وَأَمَّا الصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ،

لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ

وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ

(بترجمة أخرى:

ودعوا الصبر يعمل عمله الكامل فيكم،

لكي يكتمل نضوجكم

وتصيروا أقوياء قادرين على مواجهة جميع الأحوال)» (يع١: ٣-٤)

بطّلنا نقول «مَرَاحِمَهُ لاَ تَزُولُ. هِيَ جَدِيدَةٌ فِي كُلِّ صَبَاحٍ»!!

كل شيء أصبح “عادي” بالنسبة لنا:

الصحة والنَفَس، الشمس والهوا،

البرنامج اليومي بتفاصيله،

الخروج والدخول وقت ما نحب، الأصدقاء واللقاءات والابتسامات والسلامات،

الاجتماعات والخدمة.

كلها بنعتبرها (بدون حماسة): “عادي”!

النهارده حاجات كتيرة من “العادي” عرفنا إنها

من “نِعَم” الرب المنسية،

وإنها الخير والرحمة اللي بيتبعاننا كل يوم،

وإنها تستحق الإعجاب والتقدير.

اقتراح:

اكتب قائمة بالحاجات اللي اعتبرتها “عادي”... وقضّي وقت اشكره عليها.

ال busy schedule كان شاغل يعقوب، حوالي ٢١ سنة، عن إنه حتى يجيب سيرة إلهه (تكوين ٢٨-٣١)!

الحال اتغير في «مَخَاضَةَ يَبُّوقَ»

لما «بَقِيَ يَعْقُوبُ “وَحْدَهُ”،

وَصَارَعَهُ إِنْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ».

كان الله ناويله على بركة (تك٣٢).

بس كان طريقها:

«ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِهِ، فَانْخَلَعَ حُقُّ فَخْذِ يَعْقُوبَ فِي مُصَارَعَتِهِ مَعَهُ»

البركة تمنها غالي!

أما إيه هي البركة فنفهمها من تسلسل الكلام:

«فَقَالَ (الرب) لَهُ: “مَا اسْمُكَ؟”

فَقَالَ: “يَعْقُوبُ”.

فَقَالَ: “لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ إِسْرَائِيلَ،

لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدَرْتَ”».

البركة هي “التغيير”

وده محتاج جهاااااد كبير،

بالذات للي طلعوا في مجتمع مصدَّق إن “اللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفوش”

الحقيقة اللي معرفوش، لو من عند الله، هيكون أحسن بكتير من اللي عرفته بنفسي أو عرفهولي الناس!

نتيجة التغيير

و«دَعَا يَعْقُوبُ اسْمَ الْمَكَانِ “فَنِيئِيلَ” قَائِلاً:

“لأَنِّي نَظَرْتُ اللهَ وَجْهًا لِوَجْهٍ”».

«وَأَشْرَقَتْ لَهُ الشَّمْسُ (بعد غروبها من ٢٠ سنة في أصحاح ٢٨)

(وما أجمل شروقها حتى لو كان) يَخْمَعُ عَلَى فَخْذِهِ».

أما اللي مش حابب يتغير هيبقى زي موآب

«مُسْتَرِيحٌ... مُنْذُ صِبَاهُ، وَهُوَ مُسْتَقِرٌّ ...

لِذلِكَ بَقِيَ طَعْمُهُ فِيهِ، وَرَائِحَتُهُ لَمْ تَتَغَيَّرْ...

(النتيجة النهائية) يَخْجَلُ مُوآبُ» (إر٤٨: ١١، ١٢).

اقتراح:

اقعد صلي معترفًا بأنك يعقوب.. يعني قِرّ بعيوبك اللي انت عارفها.

وجاهد مع الله إنه يغيَّرك

واجه نفسك بإن دوشة البرنامج اليومي:

من عمل والتزامات،

وأحيانًا خلافات أو تفاهات،

وحتى من خدمة واجتماعات؛

كانت مسبِّبة لك في “عُزلة عن الرب” وعن البركة وعن التغيير!!

الوضع الحالي في عزلة عن المعتاد أزال كل الحجج،

وأفسح المجال إلى “خلوة معاه”.

نعرفه أكتر معرفة شخصية وجهًا لوجه:

نسأل، ونصارع،

نحكي اللي جوانا،

يفتح عينينا وودانا،

يفتح ذهننا على المكتوب بعمق جديد...

يعوَّض لنا عن سنين ضيعناها بإيدينا

خفَّض وقت متابعتك للأخبار.

وخصَّص وقت (اكتر من المعتاد) تقعده معاه.

هات كتابك ونوتة وقلم،

اختلي بيه وقل له أنا جاي “أتعلمك”

ولن «أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي (بمعرفة جديدة عنك)».

وافتكر إن التغيير بياخد وقت مش بضغطة زرار

التغيير بياخد العمر كله

العمر كله «لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي».

«لِلسُّكُوتِ وَقْتٌ وَلِلتَّكَلُّمِ وَقْتٌ» (جا٣: ٧).

ولازم نعترف إن الكلام عندنا طغى..

كلام مع بعض..

من الميديا..

في الجلسات والتليفونات

من المنابر..

كل واحد مع نفسه...

وده تاعبنا كتير

لكن في الزمن الصعب زي دلوقت يتقال:

«جَيِّدٌ أَنْ يَنْتَظِرَ الإِنْسَانُ وَيَتَوَقَّعَ “بِسُكُوتٍ” خَلاَصَ الرَّبِّ. جَيِّدٌ لِلرَّجُلِ أَنْ... يَجْلِسُ وَحْدَهُ وَ“يَسْكُتُ”» (مراثي ٣: ٢٦-٢٧)

ولنذكر القول

«كُفُّوا وَاعْلَمُوا أَنِّي أَنَا اللهُ» (مز٤٦: ١٠)

فلا مجال لمعرفة الله أفضل من

السكون والهدوء في محضره.

قال الرب لشعبه مرة:

«بِالرُّجُوعِ وَالسُّكُونِ تَخْلُصُونَ. بِالْهُدُوءِ وَالطُّمَأْنِينَةِ تَكُونُ قُوَّتُكُمْ» (إش٣٠: ١٥)

لكنهم لم يشاءوا

وكانت النتيجة مُرّة

ليتنا نتعلم الصمت في محضره وانتظاره.

من صُغرِنا واحنا بنتنافس مين الأطول، والأقوى، والأحسن...

وبنكبر، والفكرة دي ما بتفارقناش، حتى لو مش مُعلَنة، لكن بتفضل جوانا؛

كل واحد فاهم إنه مركز الكون، وإن في كل حاجة هو الأول والأهم فيها.

مش على مستوى الأفراد بس،

كمان على مستوى العائلات، والدول، والأندية، والعقائد، والنوع، والعرق...

ومشكلتنا الأكبر إننا بنشوف الحاجات بأحجام مش حقيقية،

فحطينا عدسة مُكبِّرة وكبَّرنا توافه،

وقلبناها فصغَّرنا حاجات مهمة.

الفيروس المتناهي الصغر أسقط العدسات وأعاد تعريف المقاسات،

ساوى البشر ببعض،

وحاجات كتير بانت على حقيقتها

وكترت الأصفار في حياتنا:

الإمكانيات صفر، المكان صفر، العدد صفر، الرفاهية صفر...

ضع الأصفار (مهما كان عددها) جنب بعضها، هتفضل القيمة = صفر،

حتى يظهر في المشهد “الواحد” “الصحيح”

في “مكانه” “الصحيح”،

فيُكسب قيمة لعديم القيمة.

اقتراح:

اقلب صفحة جديدة من النوته،

واكتب الحاجات اللي كنت بتحط ثقتك فيها أو بتستناها وبتتمناها، واكتشفت قيمتها الحقيقية،

اكتب قيمتها قدامها وخد قرار بخصوصها.

اقفل النوتة وصلّي:

قيمتي فيك يا اللي أنا بالنسبة لك «أَنْتَ لِي... أَنَا مَعَكَ... عَزِيزًا فِي عَيْنَيَّ مُكَرَّمًا، وَأَنَا قَدْ أَحْبَبْتُكَ... لاَ تَخَفْ» (إش٤٣).

من اللي لأسباب كتيرة مالهومش حرية الحركة، فعليًا أو معنويًا:

مرضى في سرايرهم

مسنين في شيخوختهم

غرقى في مشاكلهم

أسرى اكتئابهم...

محتاجين اللي

يصلي من أجلهم بلجاجة

يمد إيده بالمساعدة العملية

يطبطب بالمشاركة الوجدانية

أو ع الأقل زي ما بتقول الترنيمة:

كم أُناس يطلبون ابتسامًا لا ذهب

ونفوس في انحناء تحت وطأة التعب

تحتاج كلمة تخفِّف الآلام.. كذا محبة وليس للملام

«اُذْكُرُوا الْمُقَيَّدِينَ كَأَنَّكُمْ مُقَيَّدُونَ مَعَهُمْ، وَالْمُذَلِّينَ كَأَنَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا فِي الْجَسَدِ» (عب١٣: ٣)

اقتراح:

اكتب قائمة بالناس اللي زي كده من الدواير القريبة منك:

الأقارب، الأصدقاء، الكنيسة، الجيران، الزملاء...

صلي من أجلهم واطلب الرب يقودك تعمل معاهم حاجة عملية.

العلاقات الصحيحة بركة.

وهي:

اللي تبني كل الأطراف،

ومبنية على العطاء من كل الأطراف،

وليها حدود مريحة لكل الأطراف.

وإن غاب ضلع منها تحولت للعكس: علاقات مُنهِكة مُستنزِفة.

محتاجين نفحص علاقاتنا (صداقتنا - عائلاتنا – الكنيسة ...) ونفحصها بجدية

ونرجعها “لضبط المصنع” الإلهي

العلاقات الصحية

تلاقي أرقى سماتها في العهد الجديد:

مرتبطة بالكلمة اليونانية “أليلون” المترجمة “بعضكم بعضًا” أو “أحدكم الآخر”.

أحيانًا بتبقى العلاقة صحية، لكن احنا بنلخبطها:

بسوء تصرف

أو التمركز حول الذات

أو خلاف

أو توقعات مبالغ فيها.

محتاجين نصلح اللي أفسدناه

اقتراح:

صلي ثم:

اتصل بواحد بينكم زعل واتصافوا

اتصل بحد انت ما بتتصلش بيه غير لمصلحة والمرة دي اسأل عليه بس

اتصل بحد من القريبين وصلي معاه من أجل طلبة محتاجها

اتصل بحد انت مش متعود تتصل بيه واحكي معاه وحسّسه بقيمته عندك

اتصل بحد تشجعه أو تطمنه أو تساعده في حاجة.

وارجع صلي من أجل اللي كلِّمته.


  
عصام خليل