أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد مارس السنة 2008
قايين - رموز تصويرية في المكتوب
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

يمثل قايين مسار الإنسان الطبيعي على الأرض وهو في خطاياه، صورة للإنسان العابد لله والمتجه إليه مقدمًا عمل يديه وثمر تعبه، وهو غير مرتاب من قبول الله له من عدمه.  قايين لم ينقصه ”التدين“ كما يقول الناس، فهو أول المتدينين على وجه الأرض، ديانة الجسد، وطريق الإنسان.  عبَّر أحدهم قائلاً: ”إننا كبشر لا نستطيع أن نعيش دون استنشاق الهواء، هكذا الخاطئ لا يمكن أن تستقيم حياته مع الله دون الإيمان.  وهذا ما افتقر إليه قايين «بدون إيمان لا يمكن إرضائه» (عب11: 6)“.
قايين هو الأب الأكبر والصورة الأصلية لفريق من الناس وهم السواد الأعظم، في نظر أنفسهم أبرارًا لا يحتاجون إلى التوبة.  يجهلون شر قلوبهم وفساد طبيعتهم من ناحية ونعمة وبر الله من الناحية الأخرى «لأنهم إذ كانوا يجهلون بر الله ويطلبون أن يُثبتوا بر أنفسهم لم يخضعوا لبر الله» (رو10: 3).  لهم طريقهم الخاص للاقتراب إلى الله فيتقدمون إليه بذواتهم ظانين أنهم يُداينون الله بأعمالهم، وكالفريسيين الذين يُظهرون أنهم أكثر الناس غيرة لله وناموسه، وهم في الحقيقة أكثر المضادين له «ويل لهم لأنهم سلكوا طريق قايين» (يه11).

قايين ومَن هو على شاكلته، لديه من الأسئلة الغبية الكثيرة: لماذا الذبيحة؟ وأي سرور لله في موت البديل؟ وهل يُعقل لموت البريء وغير المُذنب أن يكفِّر ويرفع خطية المُذنب؟ يحاج ويناقش كثيرًا ويرفض الذبيحة، ثم يقدم من ثمر الأرض الملعونة. يغتاظ، لكن ليس بالصواب، يغتاظ من شهادة أخيه لأنها تطعنه في كبريائه الفريسية، ومن شهادة الله لأنها تكشف عدم قدرته على خلاص نفسه.  شخص لا يسمع لصوت الله لكي يرفع وجهه، لكن بخبث يتقدم فيذبح شقيقه.  وأخيرًا هو لا يبالي بفعل الخطية، لكن يتذمر كثيرًا من عقابها.  انطبق عليه قول الكتاب: «وأحب اللعنة فأتته، ولم يُسرّ بالبركة فتباعدت عنه» (مز109: 17).

ذبح قايين أخاه هابيل، لماذا؟ «لأن أعماله كانت شريرة وأعمال أخيه بارة» (1يو3: 12).  إنه صورة لليهود إخوة المسيح حسب الجسد الذين في حسدهم قتلوا المسيح.  ذبح قايين أخاه في الحقل فصار ”حقل دم“، «صوت دم أخيك صارخٌ إليَّ من الأرض» (تك4: 10) صورة أيضًا لليهود في شرائهم بثمن المسيح لحقل الفخاري مقبرة للغرباء فصار حقل الدم (مت27: 6- 8).  عاقب الرب قايين بالتيه والهَرَب في الأرض، صورة لتشتت اليهود وتيهانهم في الأرض.

وضع الرب علامة له لكي لا يقتله كل مَنْ وجده، صورة لليهود المحفوظين بتلك العلامة أيضًا.

لم يرفض الله شعبه إلى النهاية «إن كانت السماء تُقاس من فوق وتُفحص أساسات الأرض من أسفل، فإني أنا أيضًا أرفض كل نسل إسرائيل من أجل كل ما عملوا، يقول الرب» (إر31: 37).

شنوده راسم