أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد يوليو السنة 2018
سبعة ”آخر“ بالارتباط بالرب يسوع
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

في كلمة الله نقرأ سبع مرات عن الرب يسوع باعتباره “آخر”. لأنه بالنسبة لخدام الله البشر، هناك دائمًا أمام الله شخص “آخر” هو الرب يسوع المسيح.

(١) نبي آخر.(٢) كاهن آخر.(٣) رجل آخر.(٤) ملك آخر.

(٥) طريق آخر.(٦) مذبح آخر.(٧) مدينة أخرى.

(١) نبيٌ آخَرُ

«يُقِيمُ لكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي. لهُ تَسْمَعُونَ» (تث١٨: ١٥)

كان موسى من سبط لاوي، وأما الرب يسوع فكان من سبط يهوذا. فكيف يُقيم الله نبيًا آخر مثل موسى؟ نعم، إنه يستطيع ذلك للوساطة. إن النبي هو شخص يُخبر بفكر الله، وكل ما كان يريد الله قوله في أيام موسى، كان من خلال وسيطه موسى الذي كان صاحب مكانة فريدة «وَيُكَلِّمُ الرَّبُّ مُوسَى وَجْهًا لِوَجْهٍ، كَمَا يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ» (خر٣٣: ١١). وحتى في سفر الرؤيا، يُرَتِّلُ المفديون «تَرْنِيمَةَ مُوسَى عَبْدِ اللهِ، وَتَرْنِيمَةَ الْخَرُوفِ» (رؤ١٥: ٣).

أعتقد أنه عندما ولد موسى ظن الشيطان أنه الرب يسوع، فحرَّك فرعون ليقتل كل ابن ذكر لأنه كان يعلم أن “نسل المرأة” سيسحق رأسه (تك٣: ١٥)، وكان يعلم أن مُخلِّصًا عظيمًا سيأتي إلى العالم، لكنه لا يَعْلّم كل شيء، لأنه ليس كلي العلم. لقد كان موسى من سبط لاوي، أما المسيا فبحسب نبوة يعقوب كان سيأتي من سبط يهوذا «لاَ يَزُولُ قَضِيبٌ مِنْ يَهُوذَا، وَمُشْتَرِعٌ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهِ، حَتَّى يَأْتِيَ شِيلُونُ، وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ» (تك٤٩: ١٠). لقد حاول إبليس أن يأخذ حياة هذا المُخلِّص والوسيط الذي جاء إلى العالم؛ الابن الذكر. وهكذا قال الله كل ما كان يريد أن يقوله لشعبه من خلال نبيه موسى. وبهاتين الطريقتين كان الرب هو “النبي الآخر” الذي كموسى.

ليس كل ما في العهد القديم كُتب لقديسي العهد القديم فقط «لأَنَّ كُلَّ مَا سَبَقَ فَكُتِبَ كُتِبَ لأَجْلِ تَعْلِيمِنَا، حَتَّى بِالصَّبْرِ وَالتَّعْزِيَةِ بِمَا فِي الْكُتُبِ يَكُونُ لَنَا رَجَاءٌ» (رو١٥: ٤). وربما لم يدخلوا قط إلى فهم أعماق الحقائق الروحية المدونة في العهد القديم، كما نستطيع نحن اليوم.

وها موسى قد تزوج بامرأة كوشية فحرضت مريم هارون، وتكلَّما على موسى (عد١٢). لكن حقيقة أنه تزوج من امرأة كوشية لم يكن هو السبب، بل السبب الحقيقي نراه فى كلامهم «هَل كَلمَ الرَّبُّ مُوسَى وَحْدَهُ؟ أَلمْ يُكَلِّمْنَا نَحْنُ أَيْضًا؟» (ع٢). لقد أرادا أن يغتصبا سلطة موسى. لكن لاحظ رد الله: «اسْمَعَا كَلامِي. إِنْ كَانَ مِنْكُمْ نَبِيٌّ لِلرَّبِّ، فَبِالرُّؤْيَا أَسْتَعْلِنُ لهُ. فِي الحُلمِ أُكَلِّمُهُ. وَأَمَّا عَبْدِي مُوسَى فَليْسَ هَكَذَا، بَل هُوَ أَمِينٌ فِي كُلِّ بَيْتِي. فَمًا إِلى فَمٍ وَعَيَانًا أَتَكَلمُ مَعَهُ، لا بِالأَلغَازِ. وَشِبْهَ الرَّبِّ يُعَايِنُ» (عد١٢: ٦-٨).

إذًا كان موسى وسيطًا ونبيًا يتكلَّم بفكر الله، لكن لدينا “نبيٌ آخر”؛ الرب يسوع المبارك، مسيح الله. ويا له من نبي! وللإيجاز أنظر الأصحاح الرابع من إنجيل يوحنا حيث نقرأ: «قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: يَا سَيِّدُ، أَرَى أَنَّكَ نَبِيٌّ!» (ع١٩)، وكان كذلك، لأن النبي يُعلن فكر الله، لأن «اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُقٍ كَثِيرَةٍ، كَلَّمَنَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ، الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثًا لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضًا عَمِلَ الْعَالَمِينَ» (عب١: ١، ٢).

هذا هو الإله الواحد المُتكلِّم، وكل ما أراد قوله كان من خلال نبيه. وعندما تكلم الرب يسوع لم ينطق بكلامه، والأعمال التي عملها لم تكن أعماله هو، بل أن الكلام والأفعال كانت للذي أرسله؛ كلام وأفعال الله الآب.

مكتوب فى يوحنا ٦: ١٤ «إِنَّ هَذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ النَّبِيُّ الآتِي إِلَى الْعَالَمِ!»؛ هو الذي قيل لموسى عنه. إنه هو “وسيط الله” «لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ» (١تى٢: ٥). نحن نقول: إن “المسيح وسيطنا”، لكن ليس هذا ما يقوله هذا العدد، بالرغم من أن هذا صحيح، بل يقول إنه وسيط الله. فالطريقة الوحيدة التي يُوصّل بها الله بركته للبشرية هي من خلال وسيطه؛ الإنسان يسوع المسيح. والرب يسوع يعمل على الأقل ثمانية مهام توسطية مختلفة الآن بعد أن صعد وتمجد، لأنه هو وسيط الله.

ثم فى يوحنا ٧: ٣٧-٤٠ نقرأ: «وَفِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ الْعَظِيمِ مِنَ الْعِيدِ وَقَفَ يَسُوعُ وَنَادَى قَائِلاً: إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ. مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ. قَالَ هَذَا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوهُ، لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ بَعْدُ، لأَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَكُنْ قَدْ مُجِّدَ بَعْدُ. فَكَثِيرُونَ مِنَ الْجَمْعِ لَمَّا سَمِعُوا هَذَا الْكلاَمَ قَالُوا: هَذَا بِالْحَقِيقَةِ هُوَ النَّبِيُّ».

حاول الخدام أن يمسكوه لكنهم لم يستطيعوا وقالوا: «لَمْ يَتَكَلَّم قَطُّ إِنْسَانٌ هَكَذَا مِثْلَ هَذَا الإِنْسَانِ!» (يو٧: ٤٦). لقد تكلَّم بأقوال الآب (يو١٤: ١٠)، وكل ما أراد الآب أن يقول قيل على لسان نبيه؛ الرب يسوع. والآن إن كان عندنا اجتماع بقصد “التنبؤ” أو “الخدمة المفتوحة”؛ فعلى من يتكلم أن يتأكد أن ما عنده هو فكر الله، وأنه يتكلم كأقوال الله (١بط٤: ١١).

إن أعطاك الرب كلمة - أخي الشاب، أو أخي الشيخ - تكلَّم بها إن كان الله قد وضعها على قلبك. تكلَّم بها، وربما لا تكون فصيحًا، لكن هذا ليس ضروريًا طالما أعطاك إياها الله. تكلَّم بها مهما كانت مختصرة. وسأكتفي بمثل واحد: مرة قام أخ وقرأ كولوسي ٣: ١٩ وقال: “أيها الأزواج أحبوا زوجاتكم ... أيها الأزواج أحبوا زوجاتكم ... أيها الأزواج أحبوا زوجاتكم”، وجلس. فأمسك الأزواج بأيدي زوجاتهم. وكانت هذه هي رسالة الله لهم في تلك اللحظة.

(٢) كاهنٌ آخَرُ

«وَهَذِهِ لَكَ عَلاَمَةٌ تَأْتِي عَلَى ابْنَيْكَ حُفْنِي وَفِينَحَاسَ: فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ يَمُوتَانِ كِلاَهُمَا. وَأُقِيمُ لِنَفْسِي كَاهِنًا أَمِينًا يَعْمَلُ حَسَبَ مَا بِقَلْبِي وَنَفْسِي، وَأَبْنِي لَهُ بَيْتًا أَمِينًا فَيَسِيرُ أَمَامَ مَسِيحِي كُلَّ الأَيَّامِ» (١صم٢: ٣٤، ٣٥)

قال الله: “لقد فشل الكهنوت، لكني سأقيم كاهنًا آخر، وهذا الكاهن في النهاية ليس غير الرب يسوع المسيح”. لقد قرَّب “نَادَابُ وَأَبِيهُو” «نَارًا غَرِيبَةً أَمَامَ الرَّبِّ» (عد٣: ٤)، فأُخذت حياتهما في الحال. وأما “حُفْنِي وَفِينَحَاسَ” فكانا يأخذان الشحم من التقدمات التي لله، وهذا كان نصيب الله، وهو ما يحدثنا رمزيًا عن المشاعر الداخلية للرب يسوع المسيح (١صم٢: ١٢-١٧). وليس هذا فقط بل «كَانُوا يُضَاجِعُونَ النِّسَاءَ الْمُجْتَمِعَاتِ فِي بَابِ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ» (١صم٢: ٢٢). لكن الله لم يميتهما مباشرةً، بل ماتا في الحرب (١صم٤: ١١). وليس ذلك فقط لكن “امْرَأَةُ فِينَحَاسَ” إذ سمعت خبر أخذ التابوت وموت حَميِهَا ورَجُلِهَا، ماتت وهي تلد ابنها (١صم٤: ١٩-٢٢). يا لها من حالة محزنة في إسرائيل! ولكن مهما كانت الحالة، وكيفما كان الفشل، فقد قال الله: «وَأُقِيمُ لِنَفْسِي كَاهِنًا أَمِينًا يَعْمَلُ حَسَبَ مَا بِقَلْبِي وَنَفْسِي» (١صم٢: ٣٥).

«مِنْ ثَمَّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لِكَيْ يَكُونَ رَحِيمًا، وَرَئِيسَ كَهَنَةٍ أَمِينًا فِي مَا لِلَّهِ حَتَّى يُكَفِّرَ خَطَايَا الشَّعْبِ. لأَنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّبًا يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ» (عب٢: ١٧، ١٨). لم يكن الرب يسوع كاهنًا على الأرض، لأنه لم يكن من سبط لاوي بل من سبط يهوذا، لكن إذ قد دعاه الله للكهنوت أجلسه في ذروة الكون، وكلَّله بالمجد والكرامة والجلال والبهاء. لقد أشبع قلب الله الآب حينما كان على الأرض، وكان خبز الله، والله تغذى على المسيح يوميًا. فعلى ماذا نحن نتغذى؟ والآن ها هو يملأ السماء، وسيعود ثانيةً سريعًا ليملأ كل الكون بمجد الله. هذا هو الشخص المجيد الذي دُعيَّ للكهنوت.

يا له من مغيث ومعين! لقد سار هذا الطريق قبلاً. لقد بكى عند قبر لعازر (يو١١: ٣٥)، وجاع (لو٤: ٢)، وعطش (يو٤: ٧). وهو «مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ» (عب٤: ١٥). كان بلا مأوى، ولم يكن له أين يسند رأسه (لو٩: ٥٨). ولأنه جرب في كل شيء ما خلا الخطية، يقدر أن يُعيننا ويُغيثنا. وهو لا يغيثنا فقط، لكن في عبرانيين ٤: ١٤–١٦ يقول لنا أنه يرثي لنا «فَإِذْ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ عَظِيمٌ قَدِ اجْتَازَ السَّمَاوَاتِ، يَسُوعُ ابْنُ اللهِ، فَلْنَتَمَسَّكْ بِالإِقْرَارِ. لأَنْ لَيْسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيْرُ قَادِرٍ أَنْ يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا، بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ. فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ». وهكذا فإن الرب يسوع في هذه الخدمة كرئيس الكهنة العظيم، وسيط لنا ومغيثنا، وهو يرثي ويتعاطف معنا. فمن يستطيع أن يرثي لنا أكثر من “يَسُوعُ” (في ناسوته)، “ابْنُ اللهِ” (في لاهوته). إن هذا الإنسان الكامل هو «الْكَائِنُ عَلَى الْكُلِّ إِلَهًا مُبَارَكًا إِلَى الأَبَدِ» (رو٩: ٥). إن هذا يفوق الإدراك البشري، لكنه واقع حقيقي. وهنا يتدخل الإيمان ليتمسك بهذا الحق. إذًا فهو إنسان في كل ما هو الإنسان، وهو الله في كل ما هو الله. وهو رؤوف ورحيم ويُمكننا أن ندنو منه بسهولة. يُمكنك الحديث معه في سيارتك أثناء ذهابك إلى العمل، أو في مخدعك أو في سريرك، أو في الاجتماع؛ في الواقع في أي ظرف، وفي أي ساعة من ساعات الليل والنهار.

إنه منعم أيضًا لذلك يقول في عدد ١٦ «فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ» (عب٤: ١٦). لم يكن لدى قديسي العهد القديم عرش نعمة، ولم يكن لهم حق الاقتراب، بل كان لهم عرش خوف وغضب تحت الناموس، الذي أُعطيَّ على جبل مضطرم بنار، مصحوبًا ببروق ورعود وسحاب ثقيل (خر١٩: ١٦). وكان مسموحًا لرئيس الكهنة فقط، ومرة واحدة في السنة، أن يقترب، ولكن ليس بلا دمٍ يُقدِّمهُ عن نفسه وعن خطاياه أولاً، ثم عن جهالات الشعب (عب٩: ٧). أما أنت وأنا فيُمكننا الاقتراب إلى عرش النعمة، حيث «نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ».

ما هو الفرق بين النعمة والرحمة؟ إن الرحمة هي القوة الرافعة لنا فوق التجربة، والنعمة هي التشجيع الذي يصحبنا خلال التجربة.

كان هناك أختان في اجتماع واحد، وكانت كلتاهما تعاني من أعراض مرض السرطان. وطُلب منهما الفحوصات اللازمة، فأتت النتيجة لواحدة سلبية؛ لقد خلَّصها الله من هذا المرض الخبيث. وأما الأخرى فجاءت نتيجة فحوصاتها إيجابية؛ وكان عليها إجراء عملية جراحية. لقد كانتا كلتاهما تقيتان، وأحبتا الرب. فماذا كان الفرق بينهما؟ الله لا يُميز ولا يُفرق بين الناس، وما يصنعه مع الآخرين يصنعه معك، لكن ليس دائمًا. فالله أظهر رحمته لهذه الأخت التي شفيت، أما الأخت التي ظلت مريضة فكانت تذهب إلى المستشفى ومعها حقيبة مليئة بالنبذ الروحية. وهكذا استخدمها الله. فالله هو لا يخلصنا من التجارب دائمًا بالأسلوب ذاته، بل قد يقول: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضُّعْفِ تُكْمَلُ» (٢كو١٢: ٩). وهذه كانت حالة الأخت التي ظلت تعاني، لكن مهما كانت الظروف فى حياتنا فالله هو «الْقَادِرُ أَنْ يَفْعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، أَكْثَرَ جِدًّا مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ، بِحَسَبِ الْقُوَّةِ الَّتِي تَعْمَلُ فِينَا» (أف٣: ٢٠). إن الرب يسوع يرثي لنا ويتعاطف معنا، مُنعمًا، ومُخلِّصًا.

ثم في عبرانين٧: ٢٤، ٢٥ نجده كرئيس خلاصنا «وَأَمَّا هَذَا فَلأَنَّهُ يَبْقَى إِلَى الأَبَدِ، لَهُ كَهَنُوتٌ لاَ يَزُولُ. فَمِنْ ثَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضًا إِلَى التَّمَامِ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ بِهِ إِلَى اللهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِمْ». هذا ليس لغير المفديين، بل الرب يسوع هو رئيس خلاصك وخلاصي، ليُخلصنا إلى التمام. أي نوع من الخلاص هذا؟ ربما يكون لدينا شعور سيء تجاه البعض، أو ربما نحتضن روح عدم غفران، لكنه يستطيع أن يخلصنا منها، فهو حي للأبد ليشفع فينا بهذه الطريقة. فمثلاً هو يعلم أنك ذاهب لحضور اجتماع الصلاة الليلة لتقابله في عرش النعمة، فربما خلصك من بعض الأفكار الرديئة التي جاءتك أثناء اليوم، أو من شيء شاهدته كان يمكن أن يدنس أفكارك عن الرب يسوع المسيح، ولذلك هو خلصك من هذا. إنه يعلم أنك في “يوم الرب” ستقترب إليه وإلى الله الآب عند كسر الخبز، وهكذا يكون لنا رئيس خلاص يحيا ليُخلّص المؤمن تمامًا. فيا له من مدينة ملجأ! يا له من “مُخلِّص لكل الطريق”! إنه يُخلّصنا إلى التمام.

ثم في عبرانيين ٩: ٢٤ نجد خدمته الكهنوتية «لأَنَّ الْمَسِيحَ لَمْ يَدْخُلْ إِلَى أَقْدَاسٍ مَصْنُوعَةٍ بِيَدٍ أَشْبَاهِ الْحَقِيقِيَّةِ، بَلْ إِلَى السَّمَاءِ عَيْنِهَا، لِيَظْهَرَ الآنَ أَمَامَ وَجْهِ اللهِ لأَجْلِنَا». فهو لا يُغيثنا ويرثى لنا فقط أثناء تجاربنا وضيقنا ومواقفنا الحرجة، ولا يخلصنا إلى التمام فقط، لكنه يخدمنا. هذا الخط من الخدمة لا نتطرق إليه كثيرًا. فأحيانًا كثيرة نكون مشغولين بأنفسنا جدًا حتى أننا لا ندرك هذه النقطة في اجتماعاتنا، لكن إن كانت لنا عيون تبصر وآذان تسمع، ربما ندرك هذا أكثر. هذه الخدمة ليست شفاعة لنا، ولا علاقة لها بالذنوب أو التجارب، بل هي خدمته كخادم للأقداس. إن الرب يسوع يمجد الله الآب في الجماعة، ويقود التسبيح إن كان لنا آذان للسمع (عب٢: ١٢؛ مز٢٢: ٢٢). وإننا أحيانًا نرنم في اجتماعاتنا، ونشترك في التسبيح الذي يقوده. وكخادم الأقداس دائمًا هناك ما يقدمه. ربما تقول: “حسنٌ لقد قدَّم نفسه”. نعم، لقد فعل، لكنه يقدم هنا ما نقرأ عنه في عبرانيين ٨: ١-٣ إنه يُقدِّم حمدنا وكل صلواتنا في تمام قبوله. ربما أطلب الترنيمة الغير مناسبة، وأقترب إلى عرش النعمة بطريقة غير لائقة، لكن هناك شخص يضع الأمور في نصابها الصحيحة، ويضيف لمساته لكل صلواتنا وتشكراتنا. فيا لروعة خدمة كهنوت ربنا المبارك يسوع المسيح!

(يتبع)

بوب كوستن