أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد يوليو السنة 2018
بَارَابَاسَ أَمْ يَسُوعَ؟!
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

«فَأَجَابَ الْوَالِي وَقَالَ لَهُمْ: 
مَنْ مِنْ الاِثْنَيْنِ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟»
(مت٢٧: ٢١)

“بَارَابَاس” اسم أرامي معناه “ابن الأب” أو “ابن أبيه”. وهو بلا شك من أب هو إبليس. إنه التقليد الشيطاني للمسيح ابن الآب. ويا للعجب أن يُفضِّل الإنسان بَارَابَاس ويرفض المسيح! أن يختار البديل الشيطاني، ويرفض العطية الإلهية! لقد اتفق القادة والشعب على هذه الجريمة البشعة. كم مرة نقرأ تلك العبارة الجميلة على فم يسوع: «إِنِّي أُشْفِقُ عَلَى الْجَمْعِ»، ولكن هنا نجد لا رؤساء الكهنة فحسب، بل نجد الجموع ترد الخير الذي عمله المسيح بهم، فيطلبون رجلاً قاتلاً، ويسلمون يسوع للصلب! (أع٣: ١٤، ١٥).

ودون علم من بيلاطس بما حدث من رؤساء الكهنة والشيوخ من تحريضهم للجماهير ضد يسوع، إذ كان مشغولاً بتلقي رسالة زوجته (مت٢٧: ١٩)، وَجَّه بيلاطس سؤاله الثاني هنا للجماهير، منتظرًا أنهم يطلبوا منه إطلاق يسوع. لقد كان عليهم أن يُحددوا موقفهم بالنسبة لهذين الاثنين: رجل إبليس أم رجل الله؟ وهو اختيار قاطع يحدد مصير ذلك الشعب؛ وهو الاختيار نفسه الذي يجب أن يقوم به كل إنسان: يسوع المسيح المصلوب، أم إبليس وكل ما يقدمه في هذا العالم. وللأسف كان اختيارهم بَارَابَاس!

يتساءل الكثيرون مُتَحَيرين: لماذا الرذيلة في العالم منتصـرة ومنتشرة؟ ولماذا الشر أكثر رواجًا من الخير؟ ولماذا معاول الهدم أسرع من معاول البناء؟ وآلاف الأسئلة الأخرى عن المآسي والفواجع. لكن شرور العالم كله تَرَكَّز، وغباء البشـر كله تَجَسَّد في صرخة واحدة سُمعت يوم الصلب: “لَيْسَ يَسُوعَ بَلْ بَارَابَاسَ!” (يو١٨: ٤٠). إنها أرهب صرخة سُمعت في كل التاريخ. لقد اختاروا الإرهابي ورفضوا الوديع. ومن وقتها صار هذا نصيب البشر، فمن يزرع الريح لا بُدَّ أن يحصد الزوبعة (هو٨: ٧).

وما زال هذا السؤال الذي تردد في أورشليم من ألفي عام يتردد اليوم في كل العالم: “مَنْ مِنَ الاِثْنَيْنِ تُرِيدُونَ ... “يَسُوع أم ...؟” ... وضع في الجانب الآخر ما شئت من الأسماء، أو من الأصنام، أو من الشهوات، أو من الخطايا. فالشيطان عنده دائمًا البديل الذي يُقَدِّمه لك، لكنه بديل مُدَمِّر وخطير، مثل بَارَابَاس تمامًا.

والسؤال والإجابة علمتنا شيئًا هامًا، أنه ليس أمام المرء منا سوى اختيار واحد من اختيارين لا ثالث لهما: المخلص أم القاتل؟ المسيح أم الشيطان؟

فماذا تختار إذًا؟

يوسف رياض