أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد مايو السنة 2019
إِلهٌ غَيُورٌ
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

«لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ هُوَ نَارٌ آكِلةٌ، إِلهٌ غَيُورٌ»

(تث ٤: ٢٤)

كثيرًا ما يظنُ البعض أننا كمسيحيين عندما نعيش في الخطية يتعامل الله معنا بالرفق الذي لا يتعامل به مع غير المسيحيين، مع أن العكس صحيح. أول مرة ذُكِرَ فيها أن الرب «هُوَ نَارٌ آكِلةٌ» كان وقتها موسى يُكلّم الشعب - شعب الله - لئلا يصنعوا لأنفسهم صورة أو تمثال ليعبدوه (تث ٤: ٢٤). وثاني مرة ذُكرت هذه العبارة كانت عن أعداء شعب الله الذين وعد الله أن يبيدهم من أمام شعبه بسبب شرهم وعبادتهم للأصنام «فَاعْلمِ اليَوْمَ أَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ هُوَ العَابِرُ أَمَامَكَ نَارًا آكِلةً. هُوَ يُبِيدُهُمْ وَيُذِلُّهُمْ أَمَامَكَ، فَتَطْرُدُهُمْ وَتُهْلِكُهُمْ سَرِيعًا كَمَا كَلمَكَ الرَّبُّ» (تث ٩: ٣).

إذًا لا فرق - الله بالنسبة للنجاسة «هُوَ نَارٌ آكِلةٌ»، للشعب كما لأعداء الشعب، بل بالعكس ففي حالة شعب الرب يضيف عبارة مهمة وهي «إِلهٌ غَيُورٌ» (تث ٤: ٢٤)، لأن الغيرة على مجده وقداسته تزيد في حالة شعبه عن حالة الأمم من غير شعبه.

في أيام عالي الكاهن كان بيت الله في شيلوه، وكان أولاده يُمارسون النجاسة مع النساء المجتمعات عند باب خيمة الاجتماع. غضب الله وأهاج عليهم الفلسطينيون فقتلوا منهم أربعة آلاف، مع أنهم كانوا يظنون أنهم سينتصرون لأن الرب وعدهم بالأرض (١صم ٤: ١، ٢). ظن الشعب أنهم لو أخذوا تابوت الرب، وكان في وسطهم وقت الحرب، فإنهم ينتصرون. ومع أن التابوت هو رمز لحضور الله الذي «هُوَ نَارٌ آكِلةٌ»، فقد قتل الفلسطينيون منهم ثلاثين الفًا (١صم ٤: ١٠، ١١).

في المرة الأولى قُتل أربعة آلاف، أما في المرة الثانية فثلاثون ألفًا!

كانت الخسائر في المرة الثانية: ثلاثين ألفًا من الشعب، وأُخِذَ تابوت الرب، ومات ابنا عالي حفني وفينحاس، ومات عالي الكاهن، وماتت امرأة فينحاس.

والنجاسة ليست هي ممارسة الجنس فقط، وإنما هي الخضوع للأهواء والشهوات والعلاقات غير المشروعة، وترك العواطف غير محكومة في كل اتجاه، والكذب والغش والخداع، وأي شيء يُعمل في الظلام بعيدًا عن أعين الناس.

«هُوَ نَارٌ آكِلةٌ» عبارة مخيفة جدًا. النار الطبيعية مُخيفة ومُرعبة جدًا، أما إذا حميَّ غضب الرب علينا فمن يستطيع الوقوف؟!

إذا حذّرك الله فتحذَّر جدًا، ثم تحذّر أيضًا، وارجع في الحال من طريقٍ آخر، لئلا ينطق بالحكم عليك، ولا يغيّر ما خرج من شفتيه.


فيبي فارس