أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد سبتمبر السنة 2005
بيادر كلمة الله - بيادر كلمة الله
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

أشرنا في العدد السابق أن هناك خمسة بيادر موجودة في كلمة الله هي:

 1 ـ بيدر جدعون: (قضاة6: 37) أساس العبادة

 2 ـ بيدر أرنان اليبوسي: (1أخ21: 15) مكان العبادة

 3 ـ بيدر كيدون: (1أخ13: 9) طريقة العبادة

 4 ـ بيدر بوعز: (راعوث 3: 3) الشركة الحقيقية

 5 ـ بيدر أطاد: (تك50: 10) التأديب ومعاملات الله وتحدثنا في العدد السابق عن البيادر الثلاثة الأولى المرتبطة بأساس العبادة ومكان العبادة وطريقة العبادة على التوالي.

 ونواصل في هذا العدد الحديث عن باقي تلك البيادر الخمسة

 (4) بيدر بوعز :

 كم هو رائع وجميل أن الروح القدس من خلال هذه البيادر الخمسة لا يتكلم فقط عن أساس العبادة ومكانها وطريقتها، ولكن عن الشركة الحُبية بين المؤمن والرب يسوع المسيح ”بوعز الحقيقي“ ـ الذي فيه القوة. ونلاحظ النمو التدريجي لهذه الشركة في شخصية راعوث، ففي بداية شركتها مع بوعز، ناولها فريكًا فأكلت وشبعت وفضل عنها. هذا من جانبها، لكن بوعز لم يكتفِ بأن يُشبعها، بل أمر غلمانه أن يتركوها تلتقط بين الحُزم، والأكثر من ذلك، قال لهم: «انسلوا لها من الشمائل أيضًا». أ لا ترون أن هذا هو نفس ما يفعله معنا بوعز الحقيقي ـ الرب يسوع المسيح ـ عندما يفتح أمامنا المكتوب، ويبرز الروح القدس صفاته الرائعة وسجاياه التي تخلب الألباب والعقول. هذا ما نجده في الأصحاح الثاني من سفر راعوث. أما في الأصحاح الثالث، فقد دخلت راعوث إلى عُمق الشركة معه، عندما دخلت سرًا وكشفت ناحية رجليه واضطجعت. وما أكثر ما حصّلته راعوث نتيجة لهذه الشركة، إذ باركها قائلاً: «إنكِ مُباركة من الرب» ومنحها الطمأنينة والسلام «لا تخافي»، وتمتعت بمواعيده «كل ما تقولين أفعل لكِ». ثم في نهاية السفر الأصحاح الرابع، صار لها كل ما لبوعز من إمكانيات نتيجة لارتباطها به. لقد ارتبطت بالمُعطي السخي الجواد، فكان لها المُعطي وعطاياه، وأكثر من ذلك، صارت مُثمرة، وأصبحت جدة لداود الذي منه أتى المسيح!!

 أيها الأحباء ليُعطنا الرب نعمة لكي نُفسح المجال للروح القدس يعمل فينا ويزيد شركتنا معه، ونقول مع مَنْ قالت قديمًا: «أدخلني إلى بيت الخمر وعَلَمه فوقي محبة» ولا نَدَع شيئًا يعوق تمتعنا به، بل نتمسك بشركتنا معه «فأمسكته ولم أُرخِهِ حتى أدخلته بيت أمي وحجرة مَنْ حبلت بي» (نش3: 4).

 (5) بيدر أطاد:

 «فأتوا إلى بيدر أطاد الذي في عبر الأردن وناحوا هناك نوحًا عظيمًا وشديدًا جدًا» (تك50: 11).

 كان يعقوب قد أوصى بنيه أن يدفنوه في مغارة حقل المكفيلة في أرض كنعان، ولا يدفنوه في أرض مصر، فصعد يوسف ليدفن أباه، فأتوا إلى بيدر أطاد الذي نرى فيه ملخصًا لحياة يعقوب.

 من المعروف أن البيدر فيه تذرية للحياة، وفصل التبن عن الحنطة. وأطاد هو نوع من الشوك، ولذلك فبيدر أطاد يكلمنا عن حياة يعقوب التي طابعها التأديب الذي للبنين. وإذا كان الشوك هو علامة اللعنة، فبيدر الشوك إذًا يُظهر أحزان حياة يعقوب. وإذا كنا نرى التأديب على أنه شوك ”أطاد“، لكن الإيمان لا يراه هكذا، بل يراه على أنه ”بيدر“ ـ فصل الجيد عن الرديء. أيها الأحباء: هل نرى في تأديب الرب ومعاملاته معنا ”بيدرًا“ أم ”شوكًا“؟

 ليُعطنا الرب نعمة أن ندرك «أن الذي يحبه الرب يؤدبه، ويجلد كل ابن يقبله» (عب12: 6) «ولكن كل تأديب في الحاضر لا يُرى أنه للفرح، بل للحزن. وأما أخيرًا فيعطي الذين يتدربون به ثمر بر للسلام» (عب12: 11)؛ «وهوذا طوبى لرجل يؤدبه الرب، فلا ترفض تأديب القدير» (أي5: 17)؛ «وتأديبًا أدبني الرب وإلى الموت لم يسلمني» (مز118: 18)؛ وإن «كنتم تحتملون التأديب، يعاملكم الله كالبنين، فأي ابن لا يؤدبه أبوه، ولكن إن كنتم بلا تأديب قد صار الجميع شركاء فيه، فأنتم نغول (أولاد غير شرعيين) لا بنون» (عب12: 7، 8). لكن ما أروع سيدنا إذ أنه بطيء الغضب وكثير الرحمة، وهذا ما نراه في السرافيم ـ ملائكة النجدة ـ حينما طار واحد منهم لنجدة إشعياء، وكل منهم له ستة أجنحة (إش6). أما الكروبيم ـ ملائكة البر والقضاء ـ لكل منهم جناحان (قارن تكوين3؛ وخروج25). ومن هذا نفهم أن الله في نجدته لنا أسرع منه في تأديبه لنا.

 يا ليتنا نعظِّم هذا الشخص الفريد العجيب الذي لا نظير له في كل أفعاله. إنه بحق «بطيء الغضب وكثير الرحمة» (يون4: 2).

حنا اسحق