أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد مارس السنة 2009
معمودية الروح القدس - دراسات عن الروح القدس
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

رسالة كورنثوس الأولى 12؛ رسالة أفسس 2

معمودية الروح القدس حدثت مرة ولن تتكرر

دعونا نتقدم إلى الأصحاح الأول من سفر أعمال الرسل. هناك، نسمع مرة أخرى عن هذه المعمودية بالروح القدس.  إن الرب يسوع بعد قيامته من الأموات، أوصى بالروح القدس تلاميذه «وفيما هو مجتمع معهم أوصاهم أن لا يبرحوا من أورشليم، بل ينتظروا موعد الآب الذي سمعتموه مني. لأن يوحنا عمَّد بالماء، وأما أنتم فستتعمدون بالروح القدس، ليس بعد هذه الأيام بكثير» (أع1: 4، 5). إن «معمودية الروح القدس» لا تحمل معها إلا البركة.  هناك بركة عميقة وغنية للنفس شخصيًا، حاملة معها حقًا ثمينًا جدًا إلى الطبيعة الجديدة في المؤمن.  وقد رأينا في أحاديث سابقة الطريقة التي بها أتى الروح القدس.  لذلك فسوف لا أسهب في الحديث عن هذا الأمر هنا، لكني أسأل فقط: إذا كانت معمودية الروح القدس قد حدثت في يوم الخمسين، فهل يحمل الكتاب المقدس فكرة تكرارها فيما بعد؟ إنني أعتقد بكل يقين أن هذا لا يحدث مرة أخرى إطلاقًا. لقد أتى الروح القدس، وهو موجود هنا.  كما أن معمودية الروح القدس قد تمت، وبالتالي لا يوجد انتظار لمعمودية جديدة.  لكن هناك نفوسًا كثيرة جادة وغيورة تتوقع وتطلب باجتهاد هذه المعمودية، ناسين الحقيقة الثمينة أن الروح القدس قد أتى.  إن ما يرغبون فيه هو أن يعرفوا ملء الفرح والسلام، وذلك حسن. لكن هذه المعمودية بعد أن حدثت مرة لا يمكن أن تتكرر.

إنه من الأهمية بمكان أن نتمسك بالحق، بأنه بنزول الروح القدس شخصيًا، تكوَّنت الكنيسة، وبهذا تكون معمودية الروح القدس قد حدثت.  إنني أعرف جيدًا ما تريده نفوس كثيرة.  إنهم يريدون انتعاشًا أكثر ونشكر الله لأجل ذلك.  وهم يريدون لمعانًا أكثر، وفرحًا أكثر، وأن يكونوا أكثر سعادة.  هذا حسن في ذاته، لكن دعونا نستخدم لغة الكتاب المقدس، ونسعى لنتعلم ما يريد الله بنعمته أن يعلمنا إياه بواسطة كلمته.  نقرأ في سفر أعمال الرسل مرات كثيرة عن التلاميذ أنهم «امتلأوا بالروح القدس».  وفي أفسس 5 نقرأ «لا تسكروا بالخمر الذي فيه الخلاعة، بل امتلئوا بالروح». كل هذا صحيح.  لكن يوجد فرق بين الامتلاء بالروح القدس، ومعمودية الروح القدس.  وإذا أمسكنا بالمعنى الذي يقصده الله، والفكرة الخاصة المرتبطة بمعمودية الروح القدس، فسوف يتضح بسهولة أن هذه المعمودية لا يمكن أن تتكرر.

جسد المسيح هو جسد واحد

نقرأ في 1كورنثوس 12: 12 «لأنه كما أن الجسد هو واحد، وله أعضاء كثيرة، وكل أعضاء الجسد الواحد إذا كانت كثيرة، هي جسد واحد: كذلك المسيح أيضًا».  أعتقد أنكم تفهمون التشبيه.  إن الجسد الإنساني هو واحد، لكن له أعضاء كثيرة، وكل الأعضاء في ذلك الجسد الواحد، رغم أنها كثيرة لا تزال «جسد واحد».  كذلك أيضًا ـ ماذا؟ الكنيسة؟ كلا.  بل المسيح.  ربما نقول نحن: الكنيسة، لكن ما يقوله الله هنا هو «كذلك المسيح أيضًا».

إنني لا أعرف أي شيء آخر يعبِّر بجمال رائع في كلمة واحدة عن متانة الوحدة بين المؤمنين على الأرض، الذين يكوّنون الجسد، وبين المخلِّص في السماء، الذي هو رأس ذلك الجسد، مع أن هذه الصورة من الحق ليست جديدة في الكتاب المقدس.  إن الحق الخاص بالجسد هو جديد، ولكني أعني أن الوحدة المُعبَّر عنها بتسمية الكنيسة: المسيح، ليست جديدة تمامًا في الكتاب المقدس.  فإذا رجعتم إلى سفر التكوين، الذي هو خريطة الأصول للكتاب المقدس، ويحتوي على منشأ كل حق تقريبًا، نقرأ بحسب ترجمة داربي: ”هذا كتاب مواليد آدم، يوم خلق الله الإنسان. على شبه الله عمله.  ذكرًا وأنثى خلقهما، وباركهما ودعا اسمه آدم، يوم خُلق» (تك5: 1، 2).  لاحظوا أن المرأة تفقد هويتها، كما أن شخصيتها أُدمجت في زوجها، حيث يدعو الله اسميهما ”آدم“.

كنت أحاول في أحاديثي السابقة أن أبيِّن أن المؤمن في الرب يسوع المسيح، له المسيح لحياته: فهو له المكان، والمقام، والعلاقة، التي للرب يسوع الآن كالإنسان المرتفع أمام الله.  وأكثر من ذلك، هو متحد معه.  ولذلك فأي واحد منا مُهيأ تمامًا حينما نأتي إلى فصل مثل هذا في الكتاب المقدس، أن يسمع الروح القدس وهو يقول في حديثه عن أعضاء ذلك الجسد الواحد هنا على الأرض «كذلك المسيح أيضًا».  إن الله يدعو كنيسته على الأرض باسم الشخص الذي بواسطته نالت الحياة والوجود، وكل بركة، والتي هي بالروح متحدة معه.  إنه يدعو، الرأس والأعضاء معًا: المسيح.  كم هو كامل الجمال الكتاب المقدس! إن العدد الثالث عشر من 1كورنثوس 12، هو التوضيح للبيان الذي في العدد الثاني عشر.  فالعدد الثالث عشر يشرح طبيعة وأصل الحق العجيب الموجود في العدد الثاني عشر، والذي هو هذا، إننا نحن وإن كنا أعضاء كثيرة، إلا أننا جسد واحد وأن ذلك الجسد يُسمى المسيح.  إن الرأس في المجد، والأعضاء هنا على الأرض، يُدعون بنفس الاسم: «لأننا جميعنا بروحٍ واحد أيضًا اعتمدنا إلى جسدٍ واحد، يهودًا كنا أم يونانيين، عبيدًا أم أحرارًا، وجميعنا سُقينا روحًا واحدًا.  فإن الجسد أيضًا ليس عضوًا واحدًا بل أعضاء كثيرة» (1كو12: 13، 14).  أنتم ترون الآن أن معمودية الروح القدس تحمل معها فكرة تكوين جسد، المسيح هو رأسه. وكل الذين قبلوا الروح القدس هم أعضاء هذا الجسد الواحد ـ جسد المسيح.  لقد تكوَّن بنزول الروح القدس، الذي لا يزال موجودًا.  وحيث إنَّ الروح القدس يبقى على الأرض، فلا نتوقع حدوث معمودية جديدة.

أحيانًا أقابل مسيحيين حقيقيين غيورين، وبالحديث معهم، أجد أنهم أعضاء في ”جماعة“ كذا وكذا.  وقد قابلت مرة ستة أشخاص مختلفين في يوم واحد، وبالسؤال وجدت أنهم ينتسبون إلى ست جماعات دينية مختلفة! تأملوا في هذا! الروح القدس يقول: «لأننا جميعنا بروحٍ واحد أيضًا اعتمدنا إلى جسدٍ واحد».  هذا واضح جدًا وبسيط، وعملي جدًا أيضًا! وفي اللحظة التي يمسك أي شخص بهذا الحق البسيط، إذا كان يرغب أن يكون أمينًا لرأسه، ينبغي أن يرفض الاعتراف بأية عضوية في أي جسد غير «الجسد الواحد» الذي المسيح هو رأسه.  ذلك بلا شك سيكون له نتائج مؤلمة، لكن بالتأكيد من الأفضل أن تنفصل عن كل ما هو ليس حقًا.  والحق هو أن كل مسيحي حقيقي، بروحٍ واحد، اعتمد إلى جسدٍ واحد، جسد المسيح.  والآن، إذا كنت تقبل فكرة الجماعات أو الأجساد الكثيرة، حيث كل منها يدَّعي أن المسيح هو رأسه، فأنت مُغلق عليك لواحد من أمرين؛ إما أن المسيح له أجساد كثيرة، أو أنك عضو في جسد بدون رأس ـ أي جثة ميتة. ولا توجد إمكانية للهروب من ذلك.  فحالما أعترف بفكرة جسد كنسي على الأرض، ليس هو جسد المسيح، فأنا أقاوم الحق الخاص بـ«الجسد الواحد»، والرب ليس له مكانه الصحيح واللائق.

إن طريقنا الوحيد والأكيد لنيل البركة هو في الانحناء لكلمة الله.  إذا كنت أتعلم بالنعمة أنني عضو حقيقي، فأنا إذًا عضو في «جسد المسيح»، لأن الجسد الوحيد الذي يعترف به الكتاب المقدس، هو جسد المسيح، وكل مؤمن يقرأ هذه السطور وموجود في أي مكان، في أية مدينة، وفي أي قطر، في كل العالم، كل مؤمن بالرب يسوع، مولود من الله، وقَبِلَ الروح القدس، هو عضو في ذلك «الجسد الواحد»، وينبغي أن يخجل من أن يعترف بعضويته في أي جسد آخر.  أرجو أن تغفروا لي لأني أتكلم بهذه الصراحة، لأني متأكد أن ما أضعه أمامكم هو بالحقيقة لفائدة نفسي كما لنفوسكم أيضًا.

و. ت. ب. ولستون