أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد يناير السنة 2017
زيارة مريم لأليصابات
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

حيثما وُجِد عمل النعمة تجد النفوس ترتبط معًا بحبال المحبة الإلهية. وهذا ما حدث بين مريم وأليصابات. فقد كشف الملاك جبرائيل لمريم أن الله افتقد نسيبتها أليصابات، وهكذا بملء الشعور بما عمل الله معها – سواء فهمت أبعاد الإعلان الذي تلقته كاملاً أو لم تدركه – فقد حثها شعورها إلى صديقة وحيدة تسكب نفسها في محضرها، وكانت تلك هي أليصابات. ومن ثم «قَامَتْ مَرْيَمُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَذَهَبَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْجِبَالِ إِلَى مَدِينَةِ يَهُوذَا، وَدَخَلَتْ بَيْتَ زَكَرِيَّا وَسَلَّمَتْ عَلَى أَلِيصَابَاتَ» (لو٢: ٣٩، ٤٠).

لقد كانت مريم مُثقلة بأخبارها السارة التي أُخبِرت بها عن أمانة الله تجاه كلمته، ومحبته غير المُتَغَيِّرة تجاه شعبه. ولم يكن ممكنًا إلا أن تقوم مريم “بِسُرْعَةٍ”، وتذهب إلى أليصابات. ويا لها من أفكار ملأت قلبها الساجد العابد، بينما هي تمضي مُسرعة!

أما أليصابات، باعتبارها واحدة من النساء القديسات القاطنات في اليهودية، كانت معرفتها الجيدة بالكتب المقدسة كافية لتجعلها تتكلَّم عن الملك الآتي، وعن مجد ملكوته. ومن أقوال الكتاب في هذا الصدد مثلاً: «مَا أَجْمَلَ عَلَى الْجِبَالِ قَدَمَيِ الْمُبَشِّرِ، الْمُخْبِرِ بِالسَّلاَمِ، الْمُبَشِّرِ بِالْخَيْرِ، الْمُخْبِرِ بِالْخَلاَصِ، الْقَائِلِ لِصِهْيَوْنَ: قَدْ مَلَكَ إِلَهُكِ! صَوْتُ مُرَاقِبِيكِ. يَرْفَعُونَ صَوْتَهُمْ. يَتَرَنَّمُونَ مَعًا، لأَنَّهُمْ يُبْصِرُونَ عَيْنًا لِعَيْنٍ عِنْدَ رُجُوعِ الرَّبِّ إِلَى صِهْيَوْنَ. أَشِيدِي تَرَنَّمِي مَعًا يَا خِرَبَ أُورُشَلِيمَ، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ عَزَّى شَعْبَهُ. فَدَى أُورُشَلِيمَ» (إش٥٢: ٧-٩). وأيضًا «اِبْتَهِجِي جِدًّا يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ، اهْتِفِي يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ» (زك٩: ٩). وذات الكلمات التي استخدمها الملاك، ذكَّرتها، بما لا يدع مجالاً للشك، بهذه النبوات المجيدة، وجعلت قلبها يفيض بالتسبيح، لأنها – باعتبارها العذراء المتواضعة – كانت موضوع إتمام هذه النبوات.

أما أن زيارتها لأليصابات كانت من ترتيب الرب، فنراه في التحية التي قبلتها؛ تحية ذات طابع خاص، ثبَّتت ولا ريب إيمانها. فما أن سمعت أليصابات تحية قريبتها، ذكَّرها الرب بما صار لها هي شخصيًا، وفي الوقت ذاته امتلأت من الروح القدس، وأُوحيَّ إليها أن تُذيع البركة والحظوة التي نالتها مريم بالنعمة «وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ: مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! فَمِنْ أَيْنَ لِي هَذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي. فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ» (لو١: ٤٢-٤٥).

وقبل الخوض في إجابة مريم على أليصابات، ثمة ملاحظات قليلة بشأن كلمات أليصابات اللافتة. فلأول وهلة نلحظ أنها “امْتَلَأَتْ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ”، فكانت في شركة تامة مع فكر الرب تجاه مريم. كان الملاك قد قال لمريم: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ» (لو١: ٢٨). والآن تقول أليصابات: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ»، ومُضيفة «وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ!» (لو١: ٤٢). وبعينين فتحتهما قوة الله، رأت ما رآه الله، وأذاعت تقديره الخاص للمرأة التي اختارها الله، وحباها – دون كل النساء – هذه النعمة.

وإذ امتلأت من الروح القدس، بوداعة واتضاع، تُقرّ أليصابات بتفوق مريم، بنعمة الله، قائلة: «مِنْ أَيْنَ لِي هَذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟» (ع٤٣). فمع كونها غرض إحسان إلهي، إلا أنها تأخذ المكان الأقل أمام المرأة التي على وشك أن تصير أمًا لربها.

يا ليت هذا التعليم يغوص عميقًا في قلوبنا؛ إنه عندما يعمل روح الله في النفوس، تختفي مشاعر الحسد والخصام والغيرة، وتفيض المحبة بجريان لا يعوقه عائق. وما التواضع إلا ثمرة هذه المحبة.

وبعد أن أوضحت أليصابات تأثير سلام مريم عليها، أعلنت نوعًا ثالثًا من البركة. فمريم كانت قد بُورِكَت كغرض إحسان الله العظيم، وباعتبارها الإناء الذي تجسد من خلاله ربنا يسوع. ولكنها بُورِكَت أيضًا من أجل إيمانها؛ إيمانها الذي سما فوق جبال المعوقات، والذي عوَّل على قوة الله القدير، مثلها مثل إبراهيم، لم تُجادل، ولا بعدم إيمان ارتابت في وعد الله، بل تقوّت بالإيمان مُعطية مَجْدًا لله. وهكذا وثقت في كلمة الله دون جدال. ودون تردد حَسِبَت أن الذي وعد صادقًا، ويقينًا سيُجري (رو٤: ١٨-٢٢؛ عب١١: ١١). وهكذا أكرمت الله، وها هي الآن تقبل تأكيدًا إلهيًا - عن طريق شفتي أليصابات – أن الله سيُنفذ ما سبق أن أخبر به.

تعظيم (The Magnificat)*

والآن لنتأمل في كلمات التسبحة التي قالتها المُطوَّبة مريم، لعلنا نُؤخَذ بمعانيها وجمالاتها الإلهية:

«فَقَالَتْ مَرْيَمُ: تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللَّهِ مُخَلِّصِي، لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي، لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ، وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ. صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ. أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ. أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ. عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً، كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لإِبْراهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ» (لو٢: ٤٦-٥٥).

قال كاتب مشهور: “يُلاحظ أنه لم يُقَل عن مريم أنها امتلأت من الروح القدس”. ثم يستطرد: “ويظهر لي أن هذا يُضفي عليها كرامة متميزة. لقد افتقد الروح القدس أليصابات وزكريا على سبيل الاستثناء، ولكن مع كوننا لا نشك أن مريم كانت تحت تأثير روح الله، وكان ذلك بالأحرى تأثيرًا داخليًا، أكثر ارتباطًا مع إيمانها الخاص ومع تقواها؛ مع علاقة قلبها الاعتيادية الثابتة بالله، والتي تشكَّلت بواسطة إيمانها وتقواها. ومن ثم عبَّرت عن نفسها بالأكثر على اعتبار عواطفها ووجهة نظرها. وإنها لشاكرة لأجل النعمة التي أُسبغت عليها - بالرغم من اتضاعها – فيما يتعلَّق برجاء وبركة إسرائيل”.

هذه الملاحظات تُعيننا فيما نعتبر هذه التسبحة المُدهشة؛ تسبحة وُصفت حسنًا بأنها “احتفال لائق بفرح إسرائيل بهبة المسيح”، لأن فيما كانت مريم تنطق مُعبِّرة عن مشاعرها التي أنشأها الروح القدس في قلبها، ومشاعرها المُتجاوبة مع النعمة التي ميَّزها الله بها، كانت مشغوليتها الأكبر بما عمله الله مع إسرائيل (ع٥٤).

ولوهلة نلحظ أن طابع هذه الترنيمة يهودي؛ إنها لا تذهب أبعد من إبراهيم ونسله. ومن هذه الناحية يُمكن مقارنتها بترنيمة حَنَّة التي – ودون الرجوع إلى مواعيد الله لإبراهيم، الأمر الذي فعلته مريم – استعرضت كل معاملاته مع شعبه، وبهتاف الانتصار توقعت انتصارهم التام في المستقبل، من خلال افتقاد يهوه لهم، فهتفت: «مُخَاصِمُو الرَّبِّ يَنْكَسِرُونَ. مِنَ السَّمَاءِ يُرْعِدُ عَلَيْهِمْ. الرَّبُّ يَدِينُ أَقَاصِيَ الأَرْضِ، وَيُعْطِي عِزّاً لِمَلِكِهِ، وَيَرْفَعُ قَرْنَ مَسِيحِهِ» (١صم٢: ١٠).

ومن ناحية أخرى تعتبر مريم أن الخلاص قد تمَّ فعلاً؛ تمَّ من خلال المولود الوشيك. وهكذا نسمعها تقول: «عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً، كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لإِبْراهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ» (لو١: ٥٤، ٥٥).

أمران لا بد أن يلفتا انتباهنا في ترنيمة مريم: الأول أنها تعزو كل شيء إلى الله. والثاني إدراكها للاشيئيتها، وهكذا تحتفل بنعمته. وبخصوص هذين الأمرين لا يفوتنا أن نسوق هذه الكلمات: “مريم تدعو الله مُخلِّصها بالنعمة التي ملأت قلبها بالفرح، وفي الوقت نفسه هي تعترف بِصِغرها وضعفها. لأنه مهما كانت قداسة الأداة التي يستخدمها الله – وهذا حقيقي بالنسبة لمريم – إلا أنها لن تحتفظ بعظمتها إلا إذا احتفظت بنفسها مختفية. لأنه حينئذٍ يكون الله كل شيء. أما أن تفعل بنفسها شيئًا، فلا بد أن يتبعه خسران مكانتها. ولكنها لم تفعل، فحفظها الله لكي تظهر بنعمته في ملء روعتها.

ليتنا ننتبه إلى هذا التعليم المُبارك: أن النعمة لا يمكن أن تأخذ مجراها بكمالها في نفوسنا، إذا لم نُوجد في مكاننا الصحيح، مُدركين لا شيئيتنا أمام الله.

وإذ نتفكر في هذه الأفكار، سيفهم القارئ على الفور لغة ترنيم هذه التسبحة. فحيث يُوجد عمل حقيقي لروح الله في نفوس شعبه، تصعد وترقى قلوبهم إلى ذات المصدر الذي يُغدق عليهم بالبركة. وهكذا الحال مع مريم التي كان أول فكر داخلها عن الرب الذي افتقدها بمثل هذه النعمة العجيبة التي لا تُوصف «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللَّهِ مُخَلِّصِي». وهكذا اتحد شخصها لوهلة – تحت عمل الروح القدس القوي – بإسرائيل. وهكذا نراها تفرح بإله إسرائيل ومُخلِّصه.

صحيح أنها تتكلَّم عن نفسها في العدد التالي، وتقول: «لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ»، ومن ثم ستُطوِّبها جميع الأجيال. ولكن حتى مع كونها مُطوَّبة هكذا، إلا أنها ما زالت مجرد إناء مختار للبركة العتيدة أن تحل على إسرائيل. إنه فكر خلاص إسرائيل من حالتهم الوضيعة الذي ملأ نفسها، عندما قالت: «لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ». إلا أنها تُضيف على الفور: «وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ» أو “ورحمته على جميع خائفيه من جيل إلى جيل”، مُظهرة بالأحرى أن إسرائيل – مُختار الله – هو الذي يشغل فكرها؛ إسرائيل الذي أُجبِر بلعام أن يُباركه قائلاً: «لمْ يُبْصِرْ إِثْمًا فِي يَعْقُوبَ، وَلا رَأَى تَعَبًا (سُوءًا) فِي إِسْرَائِيل. الرَّبُّ إِلهُهُ مَعَهُ» (عد٢٣: ٢١). والمقصود إسرائيل بحسب قصد الله ووفقًا لأفكاره.

الآيات الثلاث التالية تُبيّن مبادئ معاملات الله بالنعمة، وحالة النفس الواجبة لاستقبالها «صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ. أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ. أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ» (ع٥١-٥٣). فالمتكبرون بفكر قلوبهم، والأقوياء على عروشهم، والأغنياء المُكتفون بذواتهم، هؤلاء لا يمكن أن يثبتوا أمام الله القدوس في الدينونة.

إنه للمساكين يُبشر بالإنجيل، وسيرفع الله الدون لذرى المجد، ويُشبع الجياع خيرًا. وقد أعلن الرب نفسه ذات الدرس عندما قال: «طُوبَاكُمْ أَيُّهَا الْمَسَاكِينُ، لأَنَّ لَكُمْ مَلَكُوتَ اللهِ. طُوبَاكُمْ أَيُّهَا الْجِيَاعُ الآنَ، لأَنَّكُمْ تُشْبَعُونَ. طُوبَاكُمْ أَيُّهَا الْبَاكُونَ الآنَ، لأَنَّكُمْ سَتَضْحَكُونَ». ثم يتحوَّل إلى الجانب الآخر: «وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الأَغْنِيَاءُ، لأَنَّكُمْ قَدْ نِلْتُمْ عَزَاءَكُمْ. وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الشَّبَاعَى، لأَنَّكُمْ سَتَجُوعُونَ. وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الضَّاحِكُونَ الآنَ، لأَنَّكُمْ سَتَحْزَنُونَ وَتَبْكُونَ» (لو٦: ٢٠-٢٥).

ليت هذه الكلمات الخطيرة تدوي في مسامع الداني والقاصي، لتشجع وتُعزي المساكين، المتألمين، شعب الله المُتضايق. وكبوق تحذير لأولئك الذين يسعون وراء الشبع والرفعة في هذا العالم.

وتختم مريم ترنيمتها بلغة أشرنا إليها آنفًا: «عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً، كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لإِبْراهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ». فالإيمان هو تجسيد للأمور المَرجُوّة. ومريم - في هذه اللحظة – كانت لا تزال “مُوحشة”، تمامًا كالفترات التي كان على إسرائيل أن يعبرها قبل إتمام هذه الكلمات. ولكن ها هي المُطوَّبة مريم تستعرض تتميم مقاصد الله بالنعمة نحو شعبه الأرضي.

والواقع أن كل شيء مُؤَمَّن وثابت في الشخص المجيد الذي كان على وشك أن يُولد في هذا العالم، حتى إن الملائكة في تسبيحتهم يترنمون في الأصحاح التالي قائلين: «الْمَجْدُ لِلَّهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ» (لو٢: ١٤).

ولثلاثة أشهر تلت، مكثت مريم مع قريبتها المُسنة*، ثم رجعت إلى بيتها. ويسدل الكتاب المقدس الستار على التواصل بين هاتين المرأتين القديستين، ولكن لنا أن نوقن أنهما استمرتا معينتان إحداهما لإيمان وفرح الأخرى، في الرب.

انتهت الزيارة، ورجعت مريم إلى بيتها لتواصل طريقها باتضاع، منتظرة إتمام مقاصد الله. وخلال تلك الفترة كان هذا البيت هو البقعة التي على الأرض حيث يُجتذب ويتركز انتباه السماء.

إنه فقط بمحبتنا الواحد للآخر، يُدرك المؤمنون ويُعبِّرون عن وحدتهم، لأنه حينئذٍ تتآلف قلوبهم معًا في محبة.


هذا هو الاسم المرتبط بأقوال المُطوَّبة مريم منذ أيام الكنيسة الباكرة. وهو مأخوذ من اللفظ اللاتيني Magnify.

زكريا وامرأته أليصابات «كَانَا كِلاَهُمَا مُتَقَدِّمَيْنِ فِي أَيَّامِهِمَا» (لو١: ٧).

كاتب غير معروف