أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد يناير السنة 2018
شواطئ الأبدية
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

«فَبِمَا أَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا تَنْحَلُّ،

أَيَّ أُنَاسٍ يَجِبُ أَنْ تَكُونُوا أَنْتُمْ

فِي سِيرَةٍ مُقَدَّسَةٍ وَتَقْوَى؟

مُنْتَظِرِينَ وَطَالِبِينَ سُرْعَةَ مَجِيءِ يَوْمِ الرَّبِّ، الَّذِي بِهِ تَنْحَلُّ السَّمَاوَاتُ مُلْتَهِبَةً، 
وَالْعَنَاصِرُ مُحْتَرِقَةً تَذُوبُ.

وَلَكِنَّنَا بِحَسَبِ وَعْدِهِ نَنْتَظِرُ سَمَاوَاتٍ جَدِيدَةً، وَأَرْضًا جَدِيدَةً، يَسْكُنُ فِيهَا الْبِرُّ»

(٢بط٣: ١١-١٣)

لا شك أننا نقترب بسـرعة من النهاية، وشواطئ الأبدية تلوح متلألئة بجمالها الأخَّاذ. وهذه الحقيقة تملأ قلوبنا بالتعزية والفرح، وتجدد عزمنا في المسير. فليس أسعد من هذه اللحظة المرتقبة التي فيها نترك أرض الغربة ونرى حبيبنا وجهًا لوجه. هذا ما عبَّر عنه المرنم قائلاً:

حينما يدنو الختام

وأرى شط السلام

على صدرك الرحيب

ألقي نفسـي يا حبيب

وفي هاتيك الربوع

أبقى معك يا يسوع

أما إنسان العالم الذي وضع رجاءه في الأرض والأرضيات فلا يسعد بذلك.

ولا شك أن الحياة قصيرة وقد تنتهي في أية لحظة بدون مقدمات. فالموت حقيقة لا تُنكَر، وقوة لا تُقهَر، وعدو لا يُنذر. لهذا يقول النبي: «عَرِّفْنِي يَا رَبُّ نِهَايَتِي وَمِقْدَارَ أَيَّامِي كَمْ هِيَ، فَأَعْلَمَ كَيْفَ أَنَا زَائِلٌ. هُوَذَا جَعَلْتَ أَيَّامِي أَشْبَارًا، وَعُمْرِي كَلاَ شَيْءَ قُدَّامَكَ» (مز٣٩: ٤، ٥).

وليس ذلك فقط بل إن مجيء الرب قد اقترب. هذا ما قاله بولس: «إِنَّهَا الآنَ سَاعَةٌ لِنَسْتَيْقِظَ مِنَ النَّوْمِ ... قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ» (رو١٣: ١١، ١٢). وأيضًا: «الْوَقْتُ مُنْذُ الآنَ مُقَصَّـرٌ» (١كو٧: ٢٩).

وكما أشار بولس إلى أن «هَيْئَةَ هَذَا الْعَالَمِ تَزُولُ» (١كو٧: ٣١)، كذلك أكد بطرس هذه الحقيقة: «فَبِمَا أَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا تَنْحَلُّ، أَيَّ أُنَاسٍ يَجِبُ أَنْ تَكُونُوا أَنْتُمْ فِي سِيرَةٍ مُقَدَّسَةٍ وَتَقْوَى؟» (٢بط٣: ١١). الخليقة المادية ستنحل: «تَزُولُ السَّمَاوَاتُ بِضَجِيجٍ، وَتَنْحَلُّ الْعَنَاصِرُ مُحْتَرِقَةً، وَتَحْتَرِقُ الأَرْضُ وَالْمَصْنُوعَاتُ الَّتِي فِيهَا» (٢بط٣: ١٠). كذلك القيم الأخلاقية، والربط الأسرية، والمبادئ الإنسانية وحتى الروحية، الحكومات والعروش والجالسين عليها، هذه كلها تنحل، ليبقى عرش واحد؛ «عَرْشٌ مَوْضُوعٌ فِي السَّمَاءِ» لا يتزعزع (رؤ٤: ٢).

يقول الكتاب: «وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ بَعْدَ مَا وَلَدَ مَتُوشَالَحَ ثَلاَثَ مِئَةِ سَنَةٍ ... وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ» (تك٥: ٢٢-٢٤). لقد فهم الإعلان أنه عندما يموت “مَتُوشَالَحُ سيُرسل الله الطوفان الذي يمحو العالم القديم. وبناء على ذلك أخذ القرار الصحيح وسار ضد التيار. كذلك نحن يجب أن نعيش في سيرة مقدسة أمام الناس، وتقوى أمام الله، كلما شعرنا بقرب النهاية. ونحن أمامنا ثلاثة انتظارات هي:

(١) «مُنْتَظِرِينَ الرَّجَاءَ الْمُبَارَكَ» (تي٢: ١٣).

(٢) «مُنْتَظِرِينَ ... ظُهُورَ مَجْدِ اللهِ الْعَظِيمِ وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (تي٢: ١٣).

(٣) «لَكِنَّنَا بِحَسَبِ وَعْدِهِ نَنْتَظِرُ سَمَاوَاتٍ جَدِيدَةً، وَأَرْضًا جَدِيدَةً، يَسْكُنُ فِيهَا الْبِرُّ» (٢بط٣: ١٣)، أي الحالة الأبدية السعيدة.

محب نصيف