أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
العدد السنوي - الألم
السنة 2013
تشجيعات ووعود للمتألمين يخرجون بأملاك جزيلة
«فَقَالَ لأَبْرَامَ: اعْلَمْ يَقِينًا أَنَّ نَسْلَكَ سَيَكُونُ غَرِيبًا فِي أَرْضٍ لَيْسَتْ لَهُمْ، وَيُسْتَعْبَدُونَ لَهُمْ.  فَيُذِلُّونَهُمْ أَرْبَعَ مِئَةِ سَنَةٍ ...
وَبَعْدَ ذَلِكَ يَخْرُجُونَ بِأَمْلاَكٍ جَزِيلَةٍ»  (تك15: 13، 14)


لقد كان ألمًا شديدًا أن يُعاني أولاد أبرام مِن الظلم والرعب والألم إلى حد كبير، ومع ذلك فإن النهاية هي «أَمْلاَكٌ جَزِيلَةٌ».  فابتهج وافرح يا شريكي المؤمن لأنه مكتوب: «يَخْرُجُونَ»؛ فالألم لن يستمر إلي الأبد، والخروج من الأتون قريب، وعبودية مصر لها نهاية. 

والعجيب يا أخي المتألم أنك لن تخرج من التجربة كما دخلتها، بل ستخرج «بِأَمْلاَكٍ جَزِيلَةٍ»!  لقد تعهد الله نفسه بذلك، وقال إنه سيكون معهم لتحقيق وعده.  وهو ما يحدث دائمًا مع شعب الله إذ يكون معهم في الضيق.  وسوف يخرجون بالتأكيد من التجربة - تجربة اختبار إيمانهم - في اللحظة التي تحسُن في عيني الله.

وقد تبدو طرق الله غريبة في بعض الأحيان، حتى لأولئك الذين يُحبونه، حيث نجد في التاريخ الإلهي مثالاً بارزًا لهذا في قصة أيوب البار، وكم كنا سنخسر كثيرًا لو لم يُدوِّن لنا قلم المؤرخ الإلهي هذه القصة!  لقد اجتاز في الآلام والحيرة الطويلة، لكنه خرج من تجربته بأملاكٍ جزيلةٍ، وبلا ندم، ربما باستثناء أنه كان بطيئًا في اعتماده كليًا علي الله.

وأود أن أقول لكل الذين يحبون الرب، وحتى الآن يتجرّعون كأس الألم والمعاناة: اترك الفكر لديه، وتأمَّل حبَّه!  إذ إن له قصدًا بالنسبة لك، فلنُسَكِّن نفوسنا أمامه، ونضع ثقتنا فيه.  قد يكون مصابك أليمًا، ورعبك من التجربة شديدًا، فتصرخ إلي الله طالبًا رحمته، وتتوسل إليه ليُخلّصك من ضيقتك، لكني أقول لك: إنك لن تكرم إلهك إذا تذمَّرت عليه.  يقول الوحي: «وتَنَهَّدَ بَنُو إسْرَائِيلَ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ وَصَرَخُوا، فَصَعِدَ صُرَاخُهُمْ إلَى اللهِ مِنْ أجْلِ الْعُبُودِيَّةِ.  فَسَمِعَ اللهُ أنِينَهُمْ، فَتَذَكَّرَ اللهُ مِيثَاقَهُ مَعَ إبْرَاهِيمَ وَإسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ. وَنَظَرَ اللهُ بَنِي إسْرَائِيلَ وَعَلِمَ اللهُ» (خر2: 23، 24).  إنها لحظة الربح الوفير والغني الجزيل، عندما تكتشف - وأنت تعتصر من الألم - أن الله هو ملاذك الوحيد، وملجأك الوطيد، ورجاءك الذي لا يخيب.  ويا لها من تعزية!

ونحن لسنا جامدين عديمي المشاعر؛ فلقد أعطى الله أبناءه قلبًا حساسًا مليئًا بالعواطف الرقيقة الحساسة.  وعندما نجتاز الألم لا نقول: “هذا النوع من الألم شائع بين بني البشر، ولا مفرّ من أن نصرّ بأسناننا ونتحمله”.  فنحن الذين نعرف الله أفضل من ذلك، ندرك أن الله معنا في كل تجربة وضيقة، وأننا متأكدون من الخروج منها بأملاك روحية جزيلة.  وهكذا نجد العون من الأعالي، والأمل في المستقبل، يجعلان القلب يسمو فوق الألم.

وإنه لأمر رائع عندما ندرك حقيقة أن «الإِلهُ القَدِيمُ مَلجَأٌ، وَالأَذْرُعُ الأَبَدِيَّةُ مِنْ تَحْتُ» (تث33: 27)، وتتحول الحقيقة إلي حياة عملية، وهذه هي الأملاك الجزيلة!  ولا شيء آخر يمنحنا الهدوء والثقة التامة مثل هذا.

وكم نجد من أملاك جزيلة ونحن نقرأ رسالة بولس الرسول الثانية للمؤمنين في كورنثوس؛ وعندما نقرأ الأصحاحات1؛ 4؛ 6؛ 11 نشعر أننا نقرأ السيرة الذاتية لرجل فاقَت آلامه الجميع، ورغم ذلك يبدأ قائلاً: «مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الرَّأْفَةِ وَإِلهُ كُلِّ تَعْزِيَةٍ، الَّذِي يُعَزِّينَا فِي كُلِّ ضِيقَتِنَا، حَتَّى نَسْتَطِيعَ أَنْ نُعَزِّيَ الَّذِينَ هُمْ فِي كُلِّ ضِيقَةٍ بِالتَّعْزِيَةِ الَّتِي نَتَعَزَّى نَحْنُ بِهَا مِنَ اللهِ.  لأَنَّهُ كَمَا تَكْثُرُ آلاَمُ الْمَسِيحِ فِينَا، كَذلِكَ بِالْمَسِيحِ تَكْثُرُ تَعْزِيَتُنَا أَيْضًا» (2كو1: 3-5).  بل وأخبرنا عن سر فَرَحِهِ إذ سمع الرب نفسه قائلاً له: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي» (2كو12: 9)،

أخي المتألم ... أختي المتألمة ... يا من تعاني تحت وطأة الألم والضيق أو الاضطهاد أو المرض..  تشجَّع، لا تفشل، بل تأكد أن هناك حتمًا خروج من هذه، بل وخروج بِأَمْلاَكٍ جَزِيلَةٍ!


حنا اسحق