أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
العدد السنوي - الألم
السنة 2013
اضطهاد وعناء ومعونة من العلاء
ذات يوم صاح شخص غير مؤمن - في استهزاء - لخادم الرب الذي كان يُقدِّم رسالة عن محبة الرب وعنايته بِقديسيه: “لماذا لم يفعل الرب شيئًا لاستفانوس عندما كانوا يرجمونه؟”، فأجاب خادم الرب بسرعة وبهدوء: “بالتأكيد فعل! لقد أعطاه القوة ليحتمل الظرف العصيب في سلام كامل، وأعطاه النعمة التي بها يغفر لقاتليه، ويُصلي لأجلهم”.  ويا لها من إجابة رائعة!

ونحن أيضًا تُحيط بنا الآن أخطار كثيرة، وتمرّ بنا أوقات مظلمة، ومِنْ حولنا رياح الإرهاب الدموي، وأشد صور العداء الديني.  والاضطهاد والصعوبات تزمجر بغضب في كل مكان.  والشيطان - عدونا الروحي - يزداد ضراوة ضدنا.  فماذا نعمل؟!

لنتأكد مِن أن الذين يخافون الله لا داعي لأن يخافوا الإرهاب والاضطهاد، وأنه حتى لو كان الألم الجسدي هو جزء مِن نصيب المؤمنين في الأيام الأخيرة، فإن الرب سيُعطينا نعمة لو واجهنا الموت.  فإذا سرنا في ذلك الوادي المظلم، وادي ظل الموت، فلا داعي للخوف، لأن راعينا العظيم سيكون معنا.  فقط علينا أن نحرص أن نكون - بنعمة الله - في حالة أدبية وروحية صحيحة، تُمكِّننا من التمتع بما لنا في المسيح مِن معونات إلهية، عندما تزمجر العدى ضدنا ليُرعبونا، وعندما تُحيط بنا أجناد الشر تروم إرجاعنا عن مسلكنا.

ودعونا نتأمل في المشهد الأخير من حياة استفانوس، الذي حُكم عليه بالموت رجمًا بالحجارة، لنتمثل به في مواجهة آلام الإرهاب والاضطهاد والعناء، ولنتمتع بمعونات السماء.

أولاً: الامتلاء من الروح القدس

قال استفانوس للذين كانوا بصدد رَجمه: «يَا قُسَاةَ الرِّقَابِ، وَغَيْرَ الْمَخْتُونِينَ بِالْقُلُوبِ وَالآذَانِ! أَنْتُمْ دَائِمًا تُقَاوِمُونَ الرُّوحَ الْقُدُسَ! ... وَأَمَّا هُوَ فَشَخَصَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُو مُمْتَلِئٌ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ» (أع7: 51، 55).

ونلاحظ أن التعبير الذي يُقال عن استفانوس من جهة الروح القدس هو “Full of” وليس “Filled with”؛ فليس أنه امتلأ، بل كان ممتلئًا (مَمْلُوًّا) من الروح القدس.  لقد كانت هذه هي الحالة العامة التي تُميّزه بصفة دائمة، وكان هذا هو طابع حياته (أع6: 5؛ 7: 55)، ولم تكن حالة خاصة لمواجهة ظروف استثنائية في الشهادة للمسيح، لا سيما في مواجهة المقاومات.
والامتلاء من الروح القدس هو مسؤولية المؤمن خلال كل حياته، وعين ما يطلبه منا الرسول بولس: «امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ (أو كونوا مملوئين به)» (أف5: 18).

والامتلاء بالروح القدس حالة روحية سامية، فيها يمتلك الروح القدس المؤمن تمامًا، ويملأ قلبه، ويُسيطر على كل كيانه.  وهذه الحالة تتطلب التكريس الكامل، وإخضاع الإرادة للرب؛ فيجب أن نُفرِّغ القلب من كل شيء بخلاف المسيح، هذا من الناحية السلبية.  أما من الناحية الإيجابية فعلينا أن ننشغل بالمسيح، فيُصبح هو كل شيء في حياتي، ويكون هو ربًا على الكل، فأمتلئ بفكر المسيح وإرادته ورغباته.

والامتلاء بالروح القدس يظهر عمليًا في الفرح والترنيم والشكر والخضوع للرب في وسط الظروف المُكدّرة، والمشغولية بالمسيح، والتشبه به، والرغبة المستمرة في خدمته (أف5: 18-21).  أرني شخصًا مُجرَّبًا فرحًا شاكرًا خاضعًا، أُريك فيه شخصًا ممتلئًا من الروح القدس.  وهكذا كان استفانوس في وسط الخوف العظيم.

ومن المؤكد أن للروح القدس دورًا في حياة المؤمن في وقت الأزمات، ليُمكّنه من أن يواجه العالم الهائج ضده بقوة وشجاعة، وبجسارة وجرأة.  فهناك نوع من التدخّل الإلهي الاستثنائي للروح القدس في هذه الحالة مِن الألم والاضطهاد العنيف.  ومنذ أيام الكنيسة الأولى، وحتى أيامنا المعاصرة، لم نسمع عن أحد الشهداء قابَل الموت وهو مُصاب بلوثة هلع، أو خوف جنوني، أو صراخ هستيري.  وهو ما قاله الرسول بطرس: «إِنْ عُيِّرْتُمْ بِاسْمِ الْمَسِيحِ، فَطُوبَى لَكُمْ، لأَنَّ رُوحَ الْمَجْدِ وَاللهِ يَحِلُّ عَلَيْكُمْ.  أَمَّا مِنْ جِهَتِهِمْ فَيُجَدَّفُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مِنْ جِهَتِكُمْ فَيُمَجَّدُ» (1بط4: 14).  وهكذا جاءت ردود أفعال استفانوس على هذه الصورة المجيدة الرائعة.
 
ثانيًا: الشخوص إلى السماء

كان كل مَن هم حوله ناظرين إلى أسفل لالتقاط حجارة لرجمه، وأما استفانوس، لكونه مَمْلُوًّا مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، فقد «شَخَصَ إِلَى السَّمَاءِ» (ع55)؛ “شَخَصَ” أي “أمعن النظر”.  لم تكن نظرة عابرة، لكنه “ثبت عينيه”.

وبينما كان استفانوس مُحاطًا بأشد الظروف هولاً، وأقوى الأعداء بأسًا، وبينما الأشرار ينقضون عليه والموت ينشب أظفاره فيه، نراه رغم كل هذا لم تخُر عزيمته، بل كان منشغلاً ومنحصرًا في الأمور السماوية، فقد شخص إلى السماء، ورأى يسوع.  
ولم ينشغل استفانوس بالأعداء من حوله، ولا بآلامه ومتاعبه على الأرض، وهو ما يجب أن يفعله كل مؤمن حقيقي، ليس فقط في مواجهة ظروف الاضطهاد والإرهاب، بل أيضًا في كل وقت.  علينا أن تسمو أفكارنا وتتعلَّق بما فوق، وتتركز على المسيح «فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ.  اهْتَمُّوا بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى الأَرْضِ» (كو3: 1، 2)، وذلك لأنَّ «سِيرَتَنَا نَحْنُ هِيَ فِي السَّمَاوَاتِ، الَّتِي مِنْهَا أَيْضًا نَنْتَظِرُ مُخَلِّصًا هُوَ الرَّبُّ يَسُوعُ الْمَسِيحُ» (في3: 20). 

والإيمان يغض الطرف عن العالم المنظور، ويتطلع إلى وطننا السماوي.  وكل المؤمنين - مثل إبراهيم - يستطيعون أن يقولوا بالروح القدس - لا بالعين المجردة - ها نحن نرى «الْمَدِينَةَ الَّتِي لَهَا الأَسَاسَاتُ، الَّتِي صَانِعُهَا وَبَارِئُهَا اللهُ ... وَطَنًا أَفْضَلَ، أَيْ سَمَاوِيًّا» (عب11: 10، 16؛ 13: 14).

ثالثًا: التمتع بمناظر المجد


نقرأ عن الذين أحاطوا باستفانوس أنهم «حَنِقُوا بِقُلُوبِهِمْ وَصَرُّوا بِأَسْنَانِهِمْ عَلَيْهِ» (ع54).  إن “صَرِير الأَسْنَان” تعبير عن هذا المزيج الرهيب من الغيظ والغضب وثورة العاجز الضعيف مِن ناحية، وعن يأسه وإحباطه اللذين لا يُعبَّر عنهما، من ناحية أخرى.  و«صَرِيرُ الأَسْنَانِ» ينتظر الخطاة في جهنم، حيث سيقضي الخطاة أبدية لا تنتهي في «الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ»، في يأس مُطبق، بلا بصيص مِن الرجاء، إذ «هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ».  لكن هؤلاء الأشرار كانوا ما زالوا أحياء على الأرض، لم يمضوا بعد إلى الجحيم، لكنهم فعلوا ما سيظلون يفعلونه إلى أبد الآبدين «صَرُّوا بِأَسْنَانِهِمْ عَلَيْهِ»؛ لقد استحضروا الجحيم قبل أن يذهبوا إليه، لأنهم رفضوا الحق الواضح الصريح المختص بشخص الرب يسوع المسيح.  ويا للبؤس!  ويا للشقاء!

إن غضبهم ملأهم بالمرارة والكراهية.  ولقد رفضوا - وبإصرار - أن يكشف لهم أحد عن خطيتهم ليقودهم إلى التوبة، ولذلك جاء رد فعلهم شيطانيًا جهنميًا.  وصرير أسنانهم لم يخمد إلا بعد أن أصبح استفانوس - الشاهد الأمين - جثة هامدة مُشوَّهة، وملَّطخة بالدماء.  بينما كانت روحه - في هذا الوقت - هانئة مطمئنة في الفردوس.

ولكن استفانوس تمتع بمناخ السماء وهو على الأرض «أَمَّا هُوَ فَشَخَصَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُمْتَلِئٌ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، فَرَأَى مَجْدَ اللهِ، وَيَسُوعَ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ.  فَقَالَ: هَا أَنَا أَنْظُرُ السَّمَاوَاتِ مَفْتُوحَةً، وَابْنَ الإِنْسَانِ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ» (ع55، 56).  لقد تمتع بجو كنعان السماوية، وأكل من ثمارها الشهية، وهو بعد في البرية الخربة المستوحشة (عد13: 23).  
وإذا كانت الأرض رفضته، كما رفضت سيده من قبل، فقد انفتحت السماء له، وإذ نظر إليها استمد شيئًا من أشعة المجد في وجه سيده المُقام من بين الأموات.  ولم يستمد الأشعة لنفسه فقط، بل عكّسها على الذين من حوله أيضًا.  لم يرتفع فقط - بكيفية عجيبة مدهشة - فوق الظروف التي كانت تُحيط به، بل استطاع أيضًا أن يُظهر لمضطهديه وداعة المسيح ونعمته (2كو3: 18).  ويا ليتنا جميعًا هكذا!

رابعًا: المشغولية بالمسيح في المجد


لقد كان استفانوس مَمْلُوًّا من الروح القدس، ولذلك فقد شَخَصَ إلى السماء، ليس لكي ينظر إلى الملائكة، بل لينظر المسيح.  فالشخص الذي يريد أن يحيا هنا كما يحق للمسيح، يجب أن ترتفع عين إيمانه إلى أعلى، إلى السيد المُبارك الجالس الآن عن يمين العظمة في الأعالي.  لا يمكن أن ننال أية قوة من النظر إلى ما بداخلنا أو ما حولنا أو إلى بعضنا البعض.  إننا نتقوى حينما نكون فقط «نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ ... فَتَفَكَّرُوا فِي الَّذِي احْتَمَلَ مِنَ الْخُطَاةِ مُقَاوَمَةً لِنَفْسِهِ مِثْلَ هَذِهِ لِئَلاَّ تَكِلُّوا وَتَخُورُوا فِي نُفُوسِكُمْ» (عب12: 2، 3).  فلنتجاوز النظر عن أي شيء آخر، وتمتد أبصارنا إلى المسيح في المجد، فهو مُنشئ حياة الإيمان، وهو القائد ونبع القوة لشعبه، فإذا ملأت رؤيته عيون أذهاننا، سنجد فيه القوة الدافعة التي نحتاجها للجهاد في السباق.

ولاحظ أن استفانوس رآه - تبارك اسمه - باعتباره «يَسُوعَ ... ابْنَ الإِنْسَانِ ... الرَّبُّ» (ع55، 56، 60).
«يَسُوعَ» (ع55)... اسمه الشخصي الإنساني باعتباره «رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحُزْنِ» (إش53: 3)، والذي «فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّبًا يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ» (عب4: 15؛ 2: 18).  فالذي كان بيننا كالشخص المتضع بين الناس، مع تغير مركزه وظروفه، هو بعينه يسوع الذي دُعينا أن نتطلع إليه.  إنه ينظر إلينا، ولكن هل ننظر نحن إليه بثبات؟   
«ابْنَ الإِنْسَانِ» (ع56) ... هذا اللقب يؤكِّد لنا ناسوت المسيح.  كما أنه لقبه باعتباره الديَّان.
«الرَّبُّ» (ع60) ... صاحب السيادة والسلطان، والذي له الحق أن يفعل بنا ما يشاء، باعتبارنا عبيده.
حقًا ما أعظم البركة التي تحصل عليها قلوبنا من النظر إليه في المجد! وأيضًا سر القوة لاحتمال التجارب التي تُصادف المؤمن إنما هو في النظر إلى الرب في الأعالي.  يوجد شخص في السماء الآن، سبق أن جاز في أحزان وآلام البرية، وتجرَّب في كل شيء، ويُسَرّ بأن يُعين المُجرَّبين.

ونلاحظ أنه بالارتباط بعمل المسيح الفدائي الكفاري الذي أُكمل تمامًا، فإن المسيح «بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيرًا لِخَطَايَانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي» (عب1: 3).  ولكن بصدد المشهد الذي نحن نتأمله، وبالارتباط بعمله الكهنوتي والشفاعي الذي لم ينته بعد، فقد رآه استفانوس «قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ» (ع55، 56).  لقد قام المسيح ليُعين عبده المُجرَّب، ولكي يعبر معه وادي ظل الموت (مز23: 4)، ويُرحب به في السماء. 

وكأن الرب يقول له: “استفانوس ... ها أنا قائمٌ لمعونتك ... لا تخف! ... اطمئن! ... ثبت نظرك عليَّ ... أنا معك ... كل إمكانياتي لحسابك ولنجدتك”.  ويا لكأس النعمة الملآنة والفائضة، التي تكفي، بل تزيد، لكل ظرف ولكل مشكلة صعبة، أو ظرف أليم!

خامسًا: التشبه بالمسيح في سلوكه الأدبي


نتيجة مشغوليتنا بالمسيح، فإننا - ودون أن ندري - نتغيَّر إلى تلك الصورة عينها (2كو3: 18).  فبالنسبة لاستفانوس «شَخَصَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الْجَالِسِينَ فِي الْمَجْمَعِ، وَرَأَوْا وَجْهَهُ كَأَنَّهُ وَجْهُ مَلاَكٍ» (أع6: 15)، ولو أنصفوا لقالوا: “إن وجهه كأنه وجه المسيح”.  وهذا يدل على أن قلبه - وسط لحظات المحاكمة المُفزعة - كان ممتلئًا بالسلام.
ولكن ليس فقط مظهر الوجه أو حالة القلب، بل استطاع استفانوس أن يُشبه المسيح في سلوكه الأدبي، عندما طلب المغفرة للمسيئين إليه، وغابت منه الرغبة في النقمة.  وهذه هي المسيحية العملية الحقيقية الصحيحة: التشبه بصورة المسيح.
ونحن عندما نمتلئ من الروح القدس، سيُمكننا أن نُظهر في حياتنا ثمر الروح القدس المذكور في غلاطية 5: 22، 23 والذي هو تلخيص لصفات المسيح الأدبية.

ونلاحظ أن الذين كانوا بصدد رجم استفانوس وقتله «صَاحُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ» - صوت الكراهية والحقد - «وَسَدُّوا آذَانَهُمْ، وَهَجَمُوا عَلَيْهِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ» (ع57).  أما استفانوس فهو أيضًا «جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ» - صوت الغفران والمسامحة - «يَا رَبُّ، لاَ تُقِمْ لَهُمْ هَذِهِ الْخَطِيَّةَ».

ونلاحظ أيضًا أن استفانوس صلى مرتين: مرة لأجل نفسه: «أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ، اقْبَلْ رُوحِي» (ع59)، ومرة لأجل قاتليه: «يَا رَبُّ، لاَ تُقِمْ لَهُمْ هَذِهِ الْخَطِيَّةَ».  عندما صلى لأجل نفسه لم يجثُ، ولم يصرخ؛ ولكن عندما صلى لأجل قاتليه «جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: يَا رَبُّ لاَ تُقِمْ لَهُمْ هَذِهِ الْخَطِيَّةَ».  لم يصرخ بهذا الصوت العظيم لكي يسمعه الرب - فالرب يسمع الهمسات والأنات - بل لكي يُتاح لهؤلاء الذين «سَدُّوا آذَانَهُمْ» (ع57)، أن يروا ويسمعوا صلاته من أجلهم، لكي يُبرهن لهم محبته وغفرانه لهم.

ويا ليتنا نستفيد مِن هذا الامتياز المبارك، الصلاة «فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ» (عب4: 16).  ومَن كان يتوقع استجابة مُذهلة مثل هذه التي استجاب بها الرب، بتغيير شاول، كبير القتلة؟!

أيها الأحباء:
في ظروف المرار والعناء، لنتفكر في السماء!  
وإذ تتربص بنا الأعداء، لنطلب معونات العلاء!
وفي مواجهة الاضطهاد، لننشغل بالأمجاد!  
وماذا عن الإرهاب؟ لننتظر مجيء الرب مع الأحباب، على السحاب!

«آمِينَ. تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ»

فايز فؤاد