أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
العدد السنوي - الألم
السنة 2013
المصروع يلتقى بيسوع
(مت17: 14-21؛ مر9: 14-29؛ لو9: 37-42)
العالم موضوع في الشرير، لأن الشيطان هو رئيسه، وهو المسؤول الأول عن الظلم والقتل، الخراب والدمار، فالعالم اليوم يئن ويتوجع من إبليس وأعماله، والرجاء فقط هو مجيء المسيح الثاني، حيث سيُطرح إبليس في بحيرة النار والكبريت إلى أبد الآبدين.

والقصة التي نحن بصددها هي لشاب وحيد لأبيه.  ولأنه الابن الوحيد له فيقينًا كان يُحبه كثيرًا، ويخاف عليه.  ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فقد كان يسكنه روح شرير ونجس، وحيثما أدركه يمزقه، فيُزبد ويَصِرّ بأسنانه وييبس، وكثيرًا ما ألقاه في النار وفي الماء ليُهلكه.  وكان الأب قد طلب من تلاميذ المسيح أن يخرجوا الروح النجس، فلم يقدروا، لذلك ذهب إلى يسوع بعد نزوله من جبل التجلي.  ودعونا نتوقف عند هذه الأفكار.
في الحقيقة هناك أسباب تدعونا لذلك:

الابن الوحيد مصروع

هناك الكثير من الآباء والأمهات، ولحكمة وقصد عند الرب محرومون من النسل؛ وهناك أيضًا من يسمح لهم الرب بطفل معاق، أو بطفلة مُعاقة، كما في قصتنا؛ فالابن الوحيد لهذه الأسرة مريض ومصروع.  حقًا «مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ، وَطُرُقَهُ عَنِ الاسْتِقْصَاءِ!» (رو11: 33)، ولكن «نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ» (رو8: 28).

الأب يبكي بالدموع

كان الأب يتمنى أن يكون ابنه كسائر الأبناء، لكن للأسف، الابن الوحيد في قبضة سيد قاس؛ روح نجس يلقيه على الأرض فيتمرغ كالحيوان، وماذا يفعل الأب سوى أن يذرف الدموع غزارًا؟  وهل هناك أغلى من الابن في كل الوجود، ألم يبكِ داود بحرقة عندما مات ابنه أبشالوم بالرغم من كونه ابن عاق «وَكَانَ يَبْكِي وَيَقُولُ هَكَذَا وَهُوَ يَتَمَشَّى: يَا ابْنِي أَبْشَالُومُ، يَا ابْنِي، يَا ابْنِي أَبْشَالُومُ، يَا لَيْتَنِي مُتُّ عِوَضاً عَنْكَ! يَا أَبْشَالُومُ ابْنِي يَا ابْنِي» (2صم18: 33).  لذا ليتنا نتبنه لهذا الأمر الهام: فنبكي على أولادنا وهم أحياء، حتى يرجعوا إلى الرب، قبل أن تنتهي حياتهم ويذهبون إلى الأبدية بلا رجاء.

عجز التلاميذ وعجز الجموع


هناك أمور يعجز أمامها التلاميذ والجموع، ولا يقدر عليها إلا الرب يسوع.  لقد أحب يعقوب راحيل، لكنه كان عاجزًا أمام حاجتها لطفل، وعندما طلبت منه قائلة: «هَبْ لِي بَنِينَ وَإِلاَّ فَأَنَا أَمُوتُ ... حَمِيَ غَضَبُ يَعْقُوبَ عَلَى رَاحِيلَ وَقَالَ: أَلَعَلِّي مَكَانَ اللهِ الَّذِي مَنَعَ عَنْكِ ثَمْرَةَ الْبَطْنِ؟» (تك30: 1، 2).  وهنا ذهب الأب بابنه المصروع إلى تسعة من تلاميذ الرب يسوع، ولكنهم لم يستطيعوا إخراج الروح النجس.  وأما الجموع فماذا بوسعها أن تفعل سوى أن تتدافع وتتراكض وتتفرج؟ (مر9: 15، 25).

المصروع وشفاء الرب يسوع

لقد فقد الأب كل أمل في البشر، لذلك جاء إلى الرب يسوع وكأنه يقول له:

لا نَفْعَ يُرْجَى سَيِّـدي      مِن عَوْنِ إنسانِ
خُذ بيدي يا مُنجِديْ        يا خَيرَ مِعوانِ

فقد يسمح الرب لنا، أو لأحد من أولادنا بأمراض شديدة، أو مشاكل عويصة، لا لشيء سوى أن  نأتي إليه، ونتعرف عليه، ونطرح كل أحمالنا لديه، ويقينًا هو يهتم بنا وبأولادنا.  لقد جاء الأب فعلاً بولده إلى يسوع «وَبَيْنَمَا هُوَ آتٍ مَزَّقَهُ الشَّيْطَانُ وَصَرَعَهُ، فَانْتَهَرَ يَسُوعُ الرُّوحَ النَّجِسَ، وَشَفَى الصَّبِيَّ وَسَلَّمَهُ إِلَى أَبِيهِ.  فَبُهِتَ الْجَمِيعُ مِنْ عَظَمَةِ اللهِ» (لو9: 42، 43).

لذلك دعونا لا نترك أولادنا فريسة لإبليس، يلهو بهم، ويستعبدهم ويذلهم، يصرعهم ويفترسهم، يلقي بهم في الماء وفي النار، وفي النهاية يأخذهم معه إلى بحيرة النار والكبريت إلى أبد الآبدين، لذا ليتنا نستيقظ ونستفيق ونأتي بهم الآن إلى يسوع.  
أيها الأب الغالي ... أيتها الأم الفاضلة: الرب يسوع يقول لك اليوم: «قَدِّمِ ابْنَكَ إِلَى هُنَا! » (لو9: 41).  

صفوت تادرس