أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
العدد السنوي - الألم
السنة 2013
الآم فى طريق الخدمة
قال الرب يسوع: «إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي فَلْيَتْبَعْنِي» (يو12: 26)؛ فالذي يخدم الرب يتبعه، ليس في طريق المحبة فقط كالمثال الكامل والمقياس السامي في كل حب، كما قال: «لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ» (يو15: 13)، وليس في اتضاعه فقط كما قال: «تَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ» (مت11: 29)، وليس في البذل والعطاء فقط لأنه قال: «مَغْبُوطٌ هُوَ الْعَطَاءُ أَكْثَرُ مِنَ الأَخْذِ» (أع20: 35)، لكن يتبعه أيضًا في طريق آلام الخدمة، لأن طريق الخدمة طريق محفوف بالآلام.  وهذا ما قاله الرب لحنانيا عن شاول الطرسوسي: «هَذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي ...  لأَنِّي سَأُرِيهِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي» (أع9: 15، 16).  وهذا ما أكده عن نفسه قائلاً: «لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ» (في3: 10).  ففي طريق الخدمة آلام متنوعة نذكر منها على سبيل المثال:

أولاً: آلام يجلبها الخادم لنفسه
بسبب عصيانه وعدم طاعته لصوت الرب وإرشاد الروح القدس.  وهذا ما حدث مع يونانـ عندما قال له الرب: «قُمِ اذْهَبْ إِلَى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ وَنَادِ عَلَيْهَا، لأَنَّهُ قَدْ صَعِدَ شَرُّهُمْ أَمَامِي»، لكن للأسف لم يُطِع الرب، وقام ليهرب إلى ترشيش من وجه الرب؛ فكان سبب مصيبة وآلام له وللذين معه في السفينة، وبسبب الريح الشديدة والنوء العظيم صرخوا كل واحد إلى إلهه، ثم طرحوا الأمتعة التي معهم إلى البحر، وطرحوا يونان في البحر.  والرب أعد حوتًا عظيمًا ابتلعه، ومن جوف الحوت صرخ في ضيقه.

 ثانيًا: آلام من المقربين إلينا
عندما لا يفهموننا: فعندما أراد داود أن ينزل ويحارب جليات ويقتله، ويخلِّص شعب الله، ويُزيل العار عن إسرائيل «حَمِيَ غَضَبُ أَلِيآبَ عَلَى دَاوُدَ وَقَالَ: لِمَاذَا نَزَلْتَ ...  أَنَا عَلِمْتُ كِبْرِيَاءَكَ وَشَرَّ قَلْبِكَ، لأَنَّكَ إِنَّمَا نَزَلْتَ لِتَرَى الْحَرْبَ» (1صم17: 28).  وهذا نفس ما حدث مع مريم أخت لعازر عندما كانت جالسه عند قدمي الرب تسمع كلامه، فقالت أختها مرثا: ««يَا رَبُّ، أَمَا تُبَالِي بِأَنَّ أُخْتِي قَدْ تَرَكَتْنِي أَخْدِمُ وَحْدِي؟  فَقُلْ لَهَا أَنْ تُعِينَنِي!» (لو10:  40).  وعندما كسرت القارورة، وسكبت الطيب على رأس الرب يسوع «كَانَ قَوْمٌ مُغْتَاظِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ، فَقَالُوا: لِمَاذَا كَانَ تَلَفُ الطِّيبِ هَذَا؟  لأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُبَاعَ هَذَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِمِئَةِ دِينَارٍ وَيُعْطَى لِلْفُقَرَاءِ.  وَكَانُوا يُؤَنِّبُونَهَا.  أَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ: اتْرُكُوهَا!  لِمَاذَا تُزْعِجُونَهَا؟  قَدْ عَمِلَتْ بِي عَمَلاً حَسَنًا!» (مر14: 4- 6).

ثالثًا: آلام من إخوة كذبة:
وهذه من أسوأ الآلام والأخطار التي يتعرض لها الخادم، حيث يُظهر البعض أنهم مؤمنون بالمسيح، لكنهم - في حقيقتهم - أتباع الشيطان، إذ يُدبرون له مكايد في الخفاء، ويقفون ضده وضد ما يُقدِّمه من تعاليم، قاصدين إفساد الإيمان المسيحي، وهذا من أصعب الآلام في طريق الخدمة.

رابعًا: آلام من الشيطان: حيث يهيج الشيطان الناس الأشرار ضد الخادم وخدمته، وهذا ما فعله مع بولس وسيلا في فيلبي (أع16).  فبعد أن أخرج بولس روح العرافة من الجارية، أمسكوا بولس وسيلا وجرُّوهما إلى السوق إلى الحكام.  وإذ أتوا بهما إلى الولاة، قالوا: «هَذَانِ الرَّجُلاَنِ يُبَلْبِلاَنِ مَدِينَتَنَا، وَهُمَا يَهُودِيَّانِ، وَيُنَادِيَانِ بِعَوَائِدَ لاَ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقْبَلَهَا وَلاَ نَعْمَلَ بِهَا، إِذْ نَحْنُ رُومَانِيُّونَ ...  فَوَضَعُوا عَلَيْهِمَا ضَرَبَاتٍ كَثِيرَةً وَأَلْقُوهُمَا فِي السِّجْنِ وَأَوْصُوا حَافِظَ السِّجْنِ أَنْ يَحْرُسَهُمَا بِضَبْطٍ.  وَهُوَ إِذْ أَخَذَ وَصِيَّةً مِثْلَ هَذِهِ أَلْقَاهُمَا فِي السِّجْنِ الدَّاخِلِيِّ وَضَبَطَ أَرْجُلَهُمَا فِي الْمِقْطَرَةِ» (أع16: 16-24). 

خامسًا: آلام من الأشرار: مثل التعرض للإساءة والطرد كما قال الرب للتلاميذ: «طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ، مِنْ أَجْلِي، كَاذِبِينَ» (مت5: 11).  وأيضًا التعرض للإيذاء الجسدي. 

سادسًا: أتعاب الخدمة: «بِأَسْفَارٍ مِرَارًا كَثِيرَةً.  بِأَخْطَارِ سُيُولٍ.  بِأَخْطَارِ لُصُوصٍ.  بِأَخْطَارٍ مِنْ جِنْسِي.  بِأَخْطَارٍ مِنَ الأُمَمِ.  بِأَخْطَارٍ فِي الْمَدِينَةِ.   بِأَخْطَارٍ فِي الْبَرِّيَّةِ.  بِأَخْطَارٍ فِي الْبَحْرِ.  بِأَخْطَارٍ مِنْ إِخْوَةٍ كَذَبَةٍ.  فِي تَعَبٍ وَكَدٍّ.  فِي أَسْهَارٍ مِرَارًا كَثِيرَةً.  فِي جُوعٍ وَعَطَشٍ.  فِي أَصْوَامٍ مِرَارًا كَثِيرَةً.  فِي بَرْدٍ وَعُرْيٍ.  عَدَا مَا هُوَ دُونَ ذَلِكَ: التَّرَاكُمُ عَلَيَّ كُلَّ يَوْمٍ.  الاِهْتِمَامُ بِجَمِيعِ الْكَنَائِسِ.  مَنْ يَضْعُفُ وَأَنَا لاَ أَضْعُفُ؟  مَنْ يَعْثُرُ وَأَنَا لاَ أَلْتَهِبُ؟»، وكانت هذه عينة من الآلام التي اجتاز فيها الرسول بولس أثناء خدمته (2كو11: 23-30). 

وهذه الآلام هي امتياز وهبه من الرب لمن يخدم الرب بأمانة، كما قال الرسول بولس: «لأَنَّهُ قَدْ وُهِبَ لَكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ لاَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأَجْلِهِ.  إِذْ لَكُمُ الْجِهَادُ عَيْنُهُ الَّذِي رَأَيْتُمُوهُ فِيَّ، وَالآنَ تَسْمَعُونَ فِيَّ» (في1: 29).  لاق به في نهاية حياته وقبيل رحيله أن يقول: «قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا» (2تي4: 7، 8).  وإن كان هناك آلام وتعب في طريق الخدمة لكن يجب علينا أن نكون «رَاسِخِينَ، غَيْرَ مُتَزَعْزِعِينَ، مُكْثِرِينَ فِي عَمَلِ الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، عَالِمِينَ أَنَّ تَعَبَكُمْ لَيْسَ بَاطِلاً فِي الرَّبِّ» (1كو15: 58).

عونى لويس